كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٦٣
العصمة لم يكن لفقدها تأثير وجاز أن يثبت الحاجة بثبوت مقتضيها ألا يرى أن المتحرك لما لم يكن العلة في كونه متحركا سواه جاز أن يكون متحركا مع عدم سواه فثبت الأمر الثاني وهو جواز احتياج المكلفين إلى الإمام مع جواز عصمة كل واحد منهم وإن كان الأول وجب عصمته لأنه إذا كان وجه الحاجة هو إمكان الخطأ وجب في سد باب الحاجة ما يمنع من جواز الخطأ ولا يمكن إلا من المعصوم وقبول المكلفين منه والثاني من المكلفين والأول من الله تعالى فلو لم يكن الإمام معصوما لبقيت الحجة للمكلف على الله تعالى وهو محال.
وأما المقدمة الثانية: وهو بطلان جواز احتياج المكلفين إلى الإمام مع عصمتهم فلأنه لو جاز ذلك لجاز أن يحتاج الأنبياء إلى الأئمة والدعاة مع ثبوت عصمتهم والقطع على أنهم لا يفعلون شيئا من القبائح ولا يخلون بشئ من الواجبات وهو معلوم الفساد بالضرورة وهذا الدليل ذكره المرتضى اعترض عليه بعضهم بأنه لو كان عصمة الإمام مع قبول المكلفين دافعا لوجه الحاجة لم تستقر حاجة المكلفين إلى الإمام لجواز وقوع عصمتهم حينئذ لوجود الفاعل والقابل وانتفاء الصارف فثبتت العصمة فتنتفي حاجتهم إلى الإمام فجاز عدمه وأجاب بأن العصمة بالإمام لا تنفي الحاجة إليه وإنما ينفيها ثبوت العصمة لغيره بغيره لا يقال: هذا يعني على أن الباقي محتاج إلى المؤثر وقد ثبت بطلانه في علم الكلام، لأنا نقول: الجواب عنه من وجهين:
الأول: إن الحق هو احتياج الباقي إلى المؤثر وما ذكرتموه قد ثبت بطلانه في علم الكلام.
الثاني: هذا ليس من باب الباقي بل هو من باب الحادث لأن سهوات المكلفين وغضبهم وشهواتهم وفعل القبائح متجدد في كل وقت وكل حال فوجه الحاجة متجدد في الحقيقة في كل وقت.
الخامس والسبعون: علة الحاجة إلى الإمام المقتضية لوجوب نصبه هي علة الحاجة إلى عصمته المقتضية لوجوبها لكن وجوب نصبه ثابت فثبتت علته وثبت معلولها الآخر وهو وجوب عصمته فهاهنا مقدمات.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست