كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٦١
لا يتم إلا بوجود الإمام أوجده الله تعالى وجعله بحيث لو شاء المكلفون أن يصلوا إليه وينتفعوا به لوصلوا وانتفعوا به بأن يعدلوا عن ما يوجب خوفه وتقيته فيقع منه الظهور الذي أوجبه الله تعالى عليه مع التمكن ولما كان المانع من تصرفه وأمره ونهيه غير مانع من وجوده لم يجب من حيث امتنع عليه التصرف بفعل الظلمة أن يعذبه الله تعالى أو لا يوجده في الأصل لأنه لو فعل ذلك لكان هو المانع للمكلفين لطفهم ولم يكن للظلمة فيه فعل أصلا ولكانوا إنما أوتوا في فسادهم وارتفاع صلاحهم من جهته لأنهم غير متمكنين مع عدم الإمام من الوصول إلى ما فيه لطفهم ومصلحتهم فجميع ما ذكرناه يفرق بين وجود الإمام مع الاستتار وبين عدمه وبما تقدم أيضا يفرق بينه وبين جبرئيل لأن الإمام إذا كان موجودا مستترا كانت الحجة لله تعالى على المكلفين به ثابتة لأنهم قادرون على أفعال تقتضي ظهوره ووصولهم من جهته إلى منافعهم ومصالحهم وكل هذا غير حاصل في جبرئيل فالمعارض به ظاهر الغلط وأقول: التحقيق في هذه المسألة أن الإمام المعصوم لطف للمكلفين ولا يتم إلا بأمور نصب الله إياه بأن يوجده وينص عليه هو أو النبي أو إمام آخر وقبوله الإمامة وقيامه بالدعوة وطاعة المكلفين له والأولان من فعله تعالى والثالث من فعل الإمام والرابع لا يجوز أن يستند إليه تعالى لأنه لا ينافي التكليف بل هو مستند إلى المكلفين فعدم إيجاده يقتضي حجة المكلف على الله تعالى وكذا مع عدم نصب دليل عليه أو عدم قبول الإمام يكون منع اللطف منه وهو يقدح فيه وفي عصمته فتعين الرابع فالمكلف هو المانع وأما مع عدم عصمته فحمله على الفساد مساو في الامكان لحمله على الصلاح فلا يكون لطفا ولا قطعا بحجة المكلف على الله تعالى:
الحادي والسبعون: الإمام فيه مصلحة تقتضي وجوب نصبه قطعا أما عندهم فبالشرع وأما عند القائلين بوجوبها عقلا فبالعقل.
فنقول: المصلحة الحاصلة من الإمام إما أن يكون حصولها من المعصوم أرجح من لحصولها من غيره أو مساويا لحصولها من غيره أو حصولها من غيره أولى من حصولها منه والكل باطل إلا الأول أما بطلان ما عدا الأول
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست