كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٥٩
فإن قالوا نعم قيل لهم فجوزوا في سائر أمور الدين أن يعلموه باضطرار ولا يقدح النقض فيه وإن قالوا بالاستدلال قيل لهم فنقضهم يمنعهم من المقام بما كلفوه من الاستدلال على كونه حجة فإن قالوا نعم لزمت الحجة الحاجة إلى إمام آخر لا إلى نهاية فيلزم التسلسل مع أنهم لا يؤثرون كما لا يؤثر الواحد فلا بد من القول بأنه يمكنهم معرفة الحجة والقيام بتصرفه من غير حجة بين الإمام قيل لهم فجوزوا مثل ذلك في ساير ما كلفوا به وإن كان النقض قائما أجاب المرتضى بأن كلامه هذا مبني على مقدمات:
الأولى: أنه فرض خلاف الواقع إن في النصوص الإلهية والأخبار النبوية ما هو متشابه وما هو مجمل وما هو مشترك وما يعجز عقول المكلفين بالعلم به يقينا وإن كثيرا من الأدلة اللفظية لا يفيد العلم فمع وقوع ذلك في الواقع فرض نقيضة وهو علم كل واحد واحد من المكلفين جميع أحكام الدين باضطرار يكون محالا ونحن إنما ادعينا حاجة المكلفين الذين لا يعلمون بعض أحكام الدين باضطرار وعلى تقدير ثبت المجمل والمشترك وغير ذلك من النصوص تحتاج إلى بيان هذا التقدير واقع في الواقع وكلما لزم الواقع فهو واقع وهو مطلوبنا واعتراضه لا يقدح فيها.
الثانية: ثبوت أحد الأمرين وهو أما استلزام العلم بالبعض بالضرورة للعلم بالكل بالضرورة وأما أن إمكان الشئ قائم مقام وجوده الفعلي في الفعل والتأثير وبيان ذلك بدليله هذا يسد باب الحاجة إلى الإمام في العلم بالأحكام في الجملة ولو ببعضها على تقدير كون العلم ببعضها باضطرار وإنما يتم ذلك أن لو استلزم العلم بالبعض باضطراره العلم بالكل بالفعل باضطرار أو كون إمكان السبب قائما مقام الفعل فإن الذي يسد باب الحاجة في العلم إلى الإمام كون المكلفين عالمين بجميع أحكام الدين باضطرار بالفعل وهو قد بين الامكان فإن ادعى كون الامكان قائما مقام الفعل فهو الأمر الثاني وإلا لم يحصل مطلوبه فإن الامكان مع فرض وقوع النقيض المحوج إلى الإمام لا يسد باب الحاجة وبطلان الأمرين ظاهر فدليله هذا غير تام.
الثالثة: انحصار وجه الحاجة إلى الإمام في العلم أو استلزام الاستغناء
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست