الأولى الذين قالوا الإيمان اسم لأفعال القلوب والجوارح وإقرار باللسان وهم كثير من المعتزلة والزيدية وأهل الحديث أما المعتزلة فقالوا إن الإيمان إذا عدى بالباء فالمراد به التصديق ولذلك فلان آمن بالله ورسوله ويكون المراد التصديق إذ الإيمان بمعنى أداء الواجبات لا يمكن فيه هذه لتعدية ولا يقال فلان آمن بكذا إذا صلى وصام بل يقال فلان آمن لله كما يقال صام وصلى لله فالإيمان المعدي بالباء يجري على طريقة أهل اللغة وأما إذا ذكر غير معدي فقد اتفقوا على أنه منقول من مسماه اللغوي الذي هو التصديق إلى معنى آخر ثم اختلفوا فيه على وجوه إحداها إن الإيمان عبارة عن فعل كل الطاعات سواء كانت واجبة أو مندوبة أو من باب الأقوال والأفعال أو الاعتقادات وهو قول واصل بن عطاء وأبي الهذيل والقاضي عبد الجبار ابن أحمد وثانيها إنه عبارة عن فعل الواجبات فقط دون فعل النوافل وهو قول علي بن هاشم وثالثها إن الإيمان عند الله اجتناب كل الكبائر والمؤمن عند الناس من اجتنب كل ما ورد فيه الوعيد قالوا ويحتمل أن يكون من الكبائر ما لم يرد فيه الوعيد فظهر الفرق وهو قول النظام ومن أصحابه من قال شرط كونه مؤمنا عندنا وعند الله اجتناب الكبائر كلها وأما أهل الحديث فذكروا وجهين الأول إن المعرفة إيمان كامل وهو الأصل ثم بعد ذلك كل طاعة إيمان على حدة وهذه الطاعات لا يكون شئ منها إيمانا إلا إذا كانت مترتبة على الأصل الذي هو المعرفة وزعموا أن الجحود وإنكار القلب كفر ثم معصية بعده كفر على حدة ولم يجعلوا شيئا من الطاعات إيمانا ما لم توجد المعرفة والإقرار ولا جعلوا شيئا من المعاصي كفرا ما لم يوجد الجحود والإنكار لأن الفرع لا يحصل بدون أصله وهو قول عبد الله ابن سعيد بن كلاب.
الثاني: زعموا أن الإيمان اسم للطاعات كلها وهو إيمان واحد وجعلوا الفرائض والنوافل كلها من جملة الإيمان ومن ترك شيئا من الفرائض فقد انتقض إيمانه ومن ترك النوافل لم ينتقض إيمانه ومنهم من قال الإيمان اسم للفرائض دون النوافل، الفرقة الثانية الذين قالوا الإيمان بالقلب واللسان معا وهؤلاء قد اختلفوا على مذاهب الأول إن الإيمان إقرار باللسان ومعرفة