كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٢٤
ما لا بأس به حذرا مما به البأس وقيل التقوى هي الخشية فكل ما لا يحصل من تركه الخشية وجب فعله كل ما حصل من فعله الخشية اجتنب فخلاصة الأقوال فيها راجعة إلى الأول. الثانية: العبادات والدعوات كلها توقيفية، الثالثة: إن الأمر بالتقوى لا يحسن إلا بمقدمتين إحديهما أن يكون الأمر عالما بالسراير وما يشتمل عليه الضمائر وثانيهما أن يجعل للمكلف بالتقوى طريق يفيده العلم بكل ما هو حسن وقبيح وغير ذلك من الأحكام وأشار سبحانه إلى المقدمة الأولى بقوله عقيب الأمر بالتقوى: (واعلموا أن الله بكل شئ عليم) أشار إلى الثانية بقوله تعالى: (وما أنزل عليكم من الكتب والحكمة يعظكم به) ولا يتم الوعظ إلا بالعلم إذا تقرر ذلك فنقول: قد أمر الله تعالى بالتقوى وقد ثبتت المقدمة الأولى في علم الكلام بالبراهين والقرآن وهي علمه بكل معلوم فيجب تحقق المقدمة الثانية وهي جعل طريق للمكلف إلى معرفة كل الأحكام باليقين وإلا لزم نقض الغرض وهو إما عقلي أو نقلي أو هما والأول محال إما على قول الأشاعرة فظاهر وإما على قولنا فلأن العقل لا يستقل بأكثر الأحكام فكيف بالكل، والثاني والثالث يعني أن بعض الأحكام يستفاد من العقل وبعضها يستفاد من النقل أو بعض مقدماته عقلية وبعضها نقلية غير المقدمات التي يستفاد منها صدق المنقول عنه لأنه من الأصول لا بد فيهما من المعصوم لأن الكتاب العزيز شرفه الله تعالى وما وجد من السنة لا يتمكن كل أحد من المكلفين من تحصيل العلم بتخرج الأحكام منهما ضرورة فلا بد من شخص يفيد قوله العلم وغير المعصوم ليس كذلك فقد ثبت أن التقوى لا يتم إلا بوجود إمام معصوم وليس من فعلنا لأن العصمة غير معلومة لنا فهو من فعله تعالى بأن ينصبه ويدل عليه فلو خلا زمان منه مع عموم الأمر بالتقوى بجميع المكلفين في جميع الأزمنة لزم نقض الغرض في وقت ما وهو من الحكيم جل اسمه محال.
الأول: إنها اجتناب الصغائر والكبائر في جميع الأزمان والأحوال ولا يتم إلا بذكر الله تعالى واستحضار أمره ونهيه والالتفات بكل سؤال الحق وهذا مقام شريف.
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»
الفهرست