كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٤٠
محض ولا قدرة على الشر والفساد ولأنهم لا شهوة لهم ولا حاجة وعالمون بقبح القبيح فلا يفعلونه لانتفاء داعي الحاجة والجهل وأما قولهم في الأول إنه مختص بملائكة النار قلنا ممنوع بل هو عام لصحة الاستثناء سلمنا لكن يتم مطلوبنا به فإنا قد بينا أنه أفضل من كل الملائكة فدخل المعصومون منهم وتم الدليل وعن منع عموم باقي الآيات فنقول إنه باطل لاتفاق الكل على العموم ولصحة الاستثناء لكل فرد من أفراد الملائكة وما ذكرناه من تمام الاستدلال سواء كان للعموم أو للخصوص، والجواب عن النقض بوجوه:
الأول: قرأ الحسن الملكين بكسر اللام وهو مروي عن الضحاك وابن عباس ثم اختلف هؤلاء فقال الحسن: كانا عجلين اقليين ببابل يعلمون الناس السحر وقيل كانا رجلين صالحين من الملوك فيرد على هذه القراءة تفسير قوله أنزل فقال بعضهم بمعنى قدر قالت الجبرية من القضاء والقدر وقال بعضهم القضاء عبارة عن وجود جميع الموجودات في العالم العقلي مجتمعة ومجملة على سبيل الابداع والقدر عبارة عن وجودها في موادها الخارجية أو بعد حصول شرائطها متصلة واحد بعد واحد قال الله تعالى: (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر) والجواهر العقلية توجد في القضاء والقدرة مرة واحدة باعتبارين والجسمانية وما معها موجودة فيهما مرتين واحتج من قرأ بكسر اللام بوجوه أحدها أنه لا يليق بالملائكة تعليم السحر وثانيها كيف يجوز إنزال الملكين مع قوله: (ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون) وثالثها لو أنزل لكان أما أن يجعلهما في صورة رجلين أولا فإن كان الأول مع أنهما ليسا برجلين لكان ذلك تخييلا وتلبيسا وذلك غير جايز ولو جاز ذلك فلم لا يجوز أن يكون كل واحد من الناس الذين نشاهدهم لا يكون في الحقيقة انسانا بل ملكا من الملائكة وإن كان الثاني فهو باطل لقوله تعالى:
(ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا). وفي هذه الوجوه كلام يليق بعلم الكلام ذكرناه في النهاية فلا نطول بذكره هنا.
الثاني: أن قوله: (وما أنزل على الملكين) موضعه جر عطفا على ملك سليمان وتقديره ما تتلوا الشياطين اقرأ على ملك سليمان وعلى ما أنزل
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست