كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣١٨
فلا يقوم مقامه ما يفيد الظن ولا تحذير في المظنون لأنه قبل مجئ البينات والتقدير إن التحذير بعده والثالث أنه مطابق للنهي عن اتباع الخطوات فكما إن ذلك عام فهذا عام في ما دخل تحت التحذير وهو ظاهر ولاستحالة الترجيح من غير مرجح والرابع أن مجئ البينات ليس من المكلف بل النظر فيها والطاعة لها والانقياد إليها وسياق الكلام يدل عليه والخامس أنه يدل على مجئ البينات وإلا لم يكن فيه فائدة وهو ظاهر أيضا والبينة العامة وهي الدلالة المفيدة لليقين التي يمكن تحصيل العلم بها في كل الأحكام هو الإمام المعصوم في كل زمان لأنه إذا علم منه أنه يمتنع عليه الخطأ والصغائر والكبائر ومعلوم صواب قوله وفعله وتركه حصل منه اليقين فيكون الله تعالى قد نصبه والتقصير من المكلفين وهو مطلوب، لا يقال هذه الأدلة كلها مبنية على أن غير الإمام لا يقوم مقامه وهو ممنوع لأنا نقول: الجواب من وجهين الأول إن البحث إنما هو في عصمة الإمام فإذا كان الإمام هو المؤدي للأحكام لا يقوم غير عصمته مقامها لأن العلم بصحة أدائه وقوله إما أن يكون من العقل أو النقل فإن كان العقل فإما بالضرورة أو بالنظر والأول لم يحصل في كل الناس لأن التقدير خلافه فلا بد من أحد الآخرين والنظر لا بد فيه من مقدمة هي صدقه وإنما يعلم بعد العلم بعصمته وهو ظاهر، وأما النقل فإما أن يكون منه أو من إمام آخر والأول يستلزم الدور، والثاني يستلزم التسلسل، الثاني أن المراد من الإمام إعلام الأحكام باليقين كما بينا والأمارة والقدم في الأمر والنهي وإقامة الحدود ونصب الولاة والقضاة والسعاة وغير ذلك وانفاد الشرائع وكل ذلك نيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبأمر الله ونصبه ولا يقوم بذلك قياما عاما في أمور الدين والدنيا على الوجه المذكور إلا الإمام لأن كل من قام بهذه الصفات فهو الإمام ودل على أن غيره لا يقوم مقامه فيه ولأن الإعلام بالأحكام إنما يقوم مقامه ما يفيد العلم وهو إما عقلي أو نقلي والأول محال أما عند المخالفين فهو ظاهر لأنه لا مجال للعقل في الأحكام الشرعية خصوصا كل الأحكام لكل الناس وأما عندنا فلأنه خلاف الواقع فإن البحث إنما هو على تقدير الخلاف والثاني أما من غير الإمام وهو مما ينفر عن الإمام ويناقض الغرض في اتباعه فإنه إذا كان الإمام موجودا وقوله لا
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست