كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٣٣
يتحقق في كل مكلف في كل واقعة من أول بعثة الأنبياء إلى آخره فهو خلاف جرى العادة فتعين الأول وإلا لكان الله تعالى مخلا بالواجب وناقضا لغرضه تعالى عن ذلك علوا كبيرا فتعين المعصوم فنقول تخصيصه ببعض الأزمان وببعض المكلفين ترجيح بلا مرجح فلا بد في كل زمان من معصوم واجب العصمة يكون قوله سندا للأحكام الشرعية ودليلا برهانيا قاطعا عليها يفيد العلم وذلك هو الإمام وهو المطلوب وطريق آخر في الاستدلال بهذه الآية وهو إن تمام النعمة قد يكون في الدين وقد يكون في الدنيا وفيهما المقصود ففي الدنيا بخلق الأشياء الضرورية للإنسان المنتفع بها وبيان وجه الانتفاع بها وكيفية تملكها وكيفية نقلها للمعاملات والمعارضات وفي الآخرة بالأعمال الصالحات واجتناب المحرمات وإقامة العادات وذلك لا يتم إلا بمعرفة الأحكام الشرعية وطرق التكاليف العقلية ولا يحصل ذلك إلا من المعصوم فيجب نصبه وطريق آخر، اعلم أن طهارة النفس إنما هي تزكية الظاهر باستعمال الشرايع الحقة والانقياد لأوامر الله تعالى ونواهيه على حسب ما هي في نفس الأمر وتخلية السر عن الأخلاق الذميمة وفائدة هذه الطهارة إن النفس تستعد لأن يفيض الله عليها بكرمه، ومنه وجود الصور القدسية فتتحلى بالكمالات النفسانية وذلك إنما يتم بإرسال المعصوم إذ الدلائل اللفظية لا تفي بذلك ولا مدخل للعقل في ترجيح كثير من الأحكام الشرعية فلا بد من الإمام المعصوم وطريق آخر من جملة إرادة التطهير إقامة الحدود والتعزيرات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعل ذلك مفوضا إلى غير المعصوم لا يؤدي إلى التطهير لأن فعله أعم من السبب فلا يمكن أن يكون سببا فلا بد وأن يكون معصوما وطريق آخر لا رجس أعظم من الخطأ في الأحكام وخصوصا المتعلقة بالعبادات ولا طهارة أعظم من الصيانة من الخطأ في شئ من الأحكام أصلا والباتة والصيانة إنما تكون بالمعصوم وطريق آخر امتثال أمر الله تعالى وأمر النبي وأمر الإمام طريق التطهير وهو ظاهر لقوله تعالى:
(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) جعل أمر الإمام ثالث أمر الله تعالى فلو لم يكن معصوما لجاز منه الخطأ في حكمه فلا يكون امتثال أمره مطهر أو لا يصلح أن يجعل في ثالث مرتبة أمر الله وأمر الرسول بل هو
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست