كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٢٧
المتقين أو من غيرهم والثاني محال لأن الإمام تجب طاعته لطاعة الرسول لقوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، ومحال من الحكيم أن يأمر القسم الأول باتباع وطاعة من هو من القسم الثاني ولأن الإمام ذكره الله تعالى ثالث الله والرسول فيكون من القسم الأول وهو من هذا القسم الثاني وهذا محال من الحكيم ومن قال بغير ذلك فهو لا يعرف حكمة الله تعالى، واعترض فخر الدين الرازي على هذا الدليل بوجوه:
الأول: كون الشئ هدى ودليلا لا يختلف لشخص دون شخص فكيف جعل القرآن هدى للمتقين فقط وأيضا فالمتقي مهتد والمهتدي لا يهتدي ثانيا.
الثاني: القرآن فيه مجمل ومتشابه وظاهر فكيف جعلتم كونه هدى للمتقين بمعنى كون دلالته يقينية لا يحوم الشك حولها خصوصا على قول من جعل الدلائل اللفظية لا تفيد اليقين.
الثالث: كل ما يتوقف كون القرآن حجة عليه لا يصح الاستدلال به عليه كمعرفة الصانع وصفاته فهذه الآية مخصوصة، والجواب عن الأول من وجهين:
الأول: إنا قد ذكرناه في تقرير هذا الدليل إن هداية المتقين غير هداية غيرهم فهو هدى للناس بمعنى وهدى للمتقين بمعنى والمغايرة بينهما مغايرة الكل للجزء أو العام للخاص ويجوز أن يكون التصديق بالنسبة إلى شخص يقينيا وإلى آخر ظنيا فإن مساواة زوايا المثلث الثلاث لقائمتين عند العالم باوقليدس يقينية وعند غيره غير يقينية.
الثاني: أن نقول كما أن القرآن هدى للمتقين ودلالة لهم على وجود الصانع وعلى دينه وصدق رسوله فهو أيضا دلالة للكافرين إلا أنه تعالى ذكر المؤمنين مدحا ليبين إنهم الذين اهتدوا وانتفعوا به كما قال تعالى: (إنما أنت منذر من يخشاها) وقال تعالى: (إنما تنذر من اتبع الذكر) وقد كان عليه السلام منذرا للكل لأجل إن هؤلاء هم الذين انتفعوا بإنذاره واعلم أن بعض الفضلاء فسر الهدى بالدلالة الموصلة إلى المقصود فهو للمتقين بالفعل
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست