الوجه الثاني: إن الغالب على أكثر الناس القوة الشهوية والغضبية والوهمية بحيث يستبيح كثير من الجهال لذلك اختلال نظام النوع الإنساني في جنب تحصيل غاية القوة الشهوية له أو الغضبية، ويظهر لذلك التغالب والتنازع والفساد الكلي، فيحتاج إلى رادع لها، وهو لطف يتوقف فعل الواجبات وترك المحرمات عليه وهو إما داخلي أو خارجي، فالأول: ليس إلا القوة العقلية، وإلا لكان الله تعالى مخلا بالواجب في أكثر الناس. وهذا محال، لأنه إن امتنع معه الفعل وكان من فعله تعالى كان إلجاء وهو ينافي التكليف، وإن كان من فعل المكلف نقلنا الكلام إليه (1) وإن كان مما يختار معه المكلف فعل الواجبات وترك المعاصي بحيث يوجب الداعي لذلك ويوجب المصارف عن ضده، وإن جاز معه الفعل بالنظر إلى القدرة لا بالنظر إلى الداعي، كما في العصمة، فالتقدير خلاف ذلك في الأكثر، والواقع ضد ذلك في غير المعصوم، ولأن البحث على تقدير عدمه، ولهذا أوجبنا الإمامة ولأنه يلزم إخلاله تعالى بالواجب، وإن لم يكن كذلك لم نجد نفعا في ردعها، وهو ظاهر والواقع يدل عليه والثاني: إن كان من فعله تعالى بحيث كلما أخل المكلف بواجب أو فعل حراما أرسل الله عليه عقابا أو مانعا أو في بعض الأوقات كان إلجاء وهو باطل، وإن كان من فعله تعالى الحدود ومن فعل غيره كإقامتها وهو المطلوب لأن ذلك الغير يجب أن يكون معصوما مطاوعا ليتم له ذلك فلا يقوم غيره مقامه (2) ولأنه إن وجب وصوله كل وقت يحتاج إليه لزم الجبر (3) وإلا فأما أن يكون من فعل الله تعالى بغير وساطة أحد
(٢٦)