شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٤١٩
ومثال " وجد " قوله تعالى: (وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين).
ومثال " درى " قوله:
119 - دريت الوفي العهد يا عرو فاغتبط فإن اغتباطا بالوفاء حميد .
١١٩ - وهذا الشاهد - أيضا - لم ينسبوه إلى قائل معين.
اللغة: " دريت " بالبناء للمجهول - من درى - إذا علم " فاغتبط " أمر من الغبطة، وهي أن تتمنى مثل حال الغير من غير أن تتمنى زوال حاله عنه، وأراد الشاعر بأمره بالاغتباط أحد أمرين، أولهما: الدعاء له بأن يدوم له ما يغبطه الناس من أجله، والثاني: أمره بأن يبقى على اتصافه بالصفات الحميدة التي تجعل الناس يغبطونه.
المعنى: إن الناس قد عرفوك الرجل الذي يفي إذا عاهد، فيلزمك أن تغتبط بهذا، وتقربه عينا، ولا لوم عليك في الاغتباط به.
الاعراب: " دريت " درى: فعل ماض مبني للمجهول، والتاء نائب فاعل، وهو المفعول الأول " الوفي " مفعول ثان " العهد " يجوز جره بالإضافة، ونصبه على التشبيه بالمفعول به، ورفعه على الفاعلية، لان قوله " الوفي " صفة مشبهة، والصفة يجوز في معمولها الأوجه الثلاثة المذكورة " يا عرو " يا: حرف نداء، وعرو:
منادى مرخم بحذف التاء، وأصله عروة " فاغتبط " الفاء عاطفة، اغتبط: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " فإن " الفاء للتعليل، إن:
حرف توكيد ونصب " اغتباطا " اسم إن " بالوفاء " جار ومجرور متعلق باغتباط، أو بمحذوف صفة لاغتباط " حميد " خبر " إن " مرفوع بالضمة الظاهرة.
الشاهد فيه: قوله " دريت الوفي العهد " فإن " درى " فعل دال على اليقين، وقد نصب به مفعولين، أحدهما: التاء التي وقعت نائب فاعل، والثاني هو قوله " الوفي " على ما سبق بيانه.
هذا، واعلم أن " درى " يستعمل على طريقين، أحدهما: أن يتعدى لواحد بالباء نحو قولك: دريت بكذا، فإن دخلت عليه همزة تعدى بها لواحد ولثان بالباء كما في قوله تعالى: (ولا أدراكم به) والثاني: أن ينصب مفعولين بنفسه كما في بيت الشاهد، ولكنه قليل.