لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٦٦
وقرعته بالعصا: ضربته، قال يزيد بن مفرغ:
العبد يضرب بالعصا، والحر تكفيه الملامة قال الأزهري: ومن أمثالهم إن العصا قرعت لذي الحلم، وذلك أن بعض حكام العرب أسن وضعف عن الحكم، فكان إذا احتكم إليه خصمان وزل في الحكم قرع له بعض ولده العصا يفطنه بقرعها للصواب فيفطن له. وأما ما ورد في حديث أبي جهم: فإنه لا يضع عصاه عن عاتقه، فقيل: أراد أنه يؤدب أهله بالضرب، وقيل: أراد به كثرة الأسفار. يقال: رفع عصاه إذا سار، وألقى عصاه إذا نزل وأقام. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال لرجل: لا ترفع عصاك عن أهلك أي لا تدع تأديبهم وجمعهم على طاعة الله تعالى، روي عن الكسائي وغيره أنه لم يرد العصا التي يضرب بها ولا أمر أحدا قط بذلك، ولم يرد الضرب بالعصا، ولكنه أراد الأدب وجعله مثلا يعني لا تغفل عن أدبهم ومنعهم من الفساد. قال أبو عبيد: وأصل العصا الاجتماع والائتلاف، ومنه الحديث: إن الخوارج قد شقوا عصا المسلمين وفرقوا جماعتهم أي شقوا اجتماعهم وأتلافهم، ومنه حديث صلة: إياك وقتيل العصا، معناه إياك أن تكون قاتلا أو مقتولا في شق عصا المسلمين. وانشقت العصا أي وقع الخلاف، قال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا، فحسبك والضحك سيف مهند أي يكفيك ويكفي الضحاك، قال ابن بري: الواو في قوله والضحاك بمعنى الباء، وإن كانت معطوفة على المفعول، كما تقول بعت الشاء شاة ودرهما، لأن المعنى أن الضحاك نفسه هو السيف المهند، وليس المعنى يكفيك ويكفي الضحاك سيف مهند كما ذكر.
ويقال للرجل إذا أقام بالمكان واطمأن واجتمع إليه أمره: قد ألقى عصاه وألقى بوانيه. أبو الهيثم: العصا تضرب مثلا للاجتماع، ويضرب انشقاقها مثلا للافتراق الذي لا يكون بعده اجتماع، وذلك لأنها لا تدعى عصا إذا انشقت، وأنشد:
فلله شعبا طية صدعا العصا، هي اليوم شتى، وهي أمس جميع قوله: فلله له معنيان: أحدهما أنها لام تعجب، تعجب مما كانا فيه من الأنس واجتماع الشمل، والثاني أن ذلك مصيبة موجعة فقال: لله ذلك يفعل ما يشاء ولا حيلة فيه للعباد إلا التسليم كالاسترجاع. والعصي: العظام التي في الجناح، وقال:
وفي حقها الأدنى عصي القوادم وعصا الساق: عظمها، على التشبيه بالعصا، قال ذو الرمة:
ورجل كظل الذئب ألحق سدوها وظيف، أمرته عصا الساق، أروح ويقال: قرع فلان فلانا بعصا الملامة إذا بالغ في عذله، ولذلك قيل للتوبيخ تقريع. وقال أبو سعيد: يقال فلان يصلي عصا فلان أي يدبر أمره ويليه، وأنشد:
وما صلى عصاك كمستديم قال الأزهري: والأصل في تصلية العصا أنها إذا
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست