وقال جعفر بن علبة الحارثي:
نقاسمهم أسيافنا شر قسمة، ففينا غواشيها، وفيهم صدورها والغاشية: داء يأخذ في الجوف وكله من التغطية. يقال: رماه الله بغاشية، قال الشاعر:
في بطنه غاشية تتممه قال: تتممه تهلكه. قال أبو عمرو: وهو داء أو ورم يكون في البطن يعني الغاشية. وقوله تعالى: أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله، أي عقوبة مجللة تعمهم.
واستغشى ثيابه وتغشى بها: تغطي بها كي لا يرى ولا يسمع. وفي التنزيل العزيز: واستغشوا ثيابهم. وقال تعالى: ألا حين يستغشون ثيابهم (الآية) وقيل: إن طائفة من المنافقين قالوا إذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وثنينا صدورنا على عداوة محمد، صلى الله عليه وسلم كيف يعلم بنا؟ فأنزل الله تعالى: ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون، استغشى بثوبه وتغشى أي تغطي.
والغشوة: السدرة، قال:
غدوت لغشوة في رأس نيق، ومورة نعجة ماتت هزالا وغشي عليه غشية وغشيا وغشيانا: أغمي، فهو مغشي عليه، وهي الغشية، وكذلك غشية الموت. قال الله تعالى: نظر المغشي عليه من الموت، وقال تعالى: لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش، أي إغماء، قال أبو إسحق: زعم الخليل وسيبويه جميعا أن النون ههنا عوض من الياء، لأن غواش لا ينصرف والأصل فيها غواشي، إلا أن الضمة تحذف لثقلها في الياء، فإذا ذهبت الضمة أدخلت التنوين عوضا منها، قال: وكان سيبويه يذهب إلى أن التنوين عوض من ذهاب حركة الياء، والياء سقطت لسكونها وسكون التنوين.
وغشيه غشيانا: أتاه وأغشاه إياه غيره، فأما قوله:
أتوعد نضو المضرحي، وقد ترى بعينيك رب النضو يغشى لكم فردا؟
فقد يكون يغشى من الأفعال المتعدية بحرف وغير حرف، وقد تكون اللام زائدة أي يغشاكم كقوله تعالى: قل عسى أن يكون ردف لكم، أي ردفكم. وغشي الأمر غشيانا: باشره. وغشيت الرجل بالسوط: ضربته.
والغشيان: إتيان الرجل المرأة، والفعل غشي يغشى.
وغشي المرأة غشيانا: جامعها. وقوله تعالى: فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به، كناية عن الجماع. يقال: تغشى المرأة إذا علاها، وتجللها مثله، وقيل للقيامة غاشية لأنها تجلل الخلق فتعمهم. ابن الأثير: وفي حديث المسعى فإن الناس غشوه أي ازدحموا عليه وكثروا. يقال: غشية يغشاه غشيانا إذا جاءه، وغشاه تغشية إذا غطاه. وغشي الشئ إذا لابسه.
وغشي المرأة إذا جامعها. وغشي عليه: أغمي عليه. واستغشى بثوبه وتغشى إذا تغطي، والجميع قد جاء في الحديث على اختلاف لفظه، فمنها قوله: وهو متغش بثوبه، وقوله: وتغشى أنامله أي تسترها، وقوله: غشيتهم الرحمة وغشيها ألوان أي تعلوها.
وقوله: فلا يغشنا في مساجدنا، وقوله: وإن غشينا من ذلك شئ من القصد إلى الشئ والمباشرة، وقوله: ما لم يغش الكبائر، ومنه