لسان العرب - ابن منظور - ج ١٢ - الصفحة ٢٣١
المؤمنين به في قوله تعالى: وكان بالمؤمنين رحيما، كما قال: اقرأ باسم ربك الذي خلق، ثم قال: خلق الإنسان من علق، فخص بعد أن عم لما في الإنسان من وجوه الصناعة ووجوه الحكمة، ونحوه كثير، قال الزجاج:
الرحمن اسم من أسماء الله عز وجل مذكور في الكتب الأول، ولم يكونوا يعرفونه من أسماء الله، قال أبو الحسن: أراه يعني أصحاب الكتب الأول، ومعناه عند أهل اللغة ذو الرحمة التي لا غاية بعدها في الرحمة، لأن فعلان بناء من أبنية المبالغة، ورحيم فعيل بمعنى فاعل كما قالوا سميع بمعنى سامع وقدير بمعنى قادر، وكذلك رجل رحوم وامرأة رحوم، قال الأزهري ولا يجوز أن يقال رحمن إلا الله عز وجل، وفعلان من أبنية ما يبالع في وصفه، فالرحمن الذي وسعت رحمته كل شئ، فلا يجوز أن يقال رحمن لغير الله، وحكى الأزهري عن أبي العباس في قوله الرحمن الرحيم: جمع بينهما لأن الرحمن عبراني والرحيم عربي، وأنشد لجرير:
لن تدركوا المجد أو تشروا عباءكم بالخز، أو تجعلوا الينبوت ضمرانا أو تتركون إلى القسين هجرتكم، ومسحكم صلبهم رحمان قربانا؟
وقال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، فالرحمن الرقيق والرحيم العاطف على خلقه بالرزق، وقال الحسن، الرحمن اسم ممتنع لا يسمى غير الله به، وقد يقال رجل رحيم. الجوهري: الرحمن والرحيم اسمان مشتقان من الرحمة، ونظيرهما في الله نديم وندمان، وهما بمعنى، ويجوز تكرير الاسمين إذا اختلف اشتقاقهما على جهة التوكيد كما يقال فلان جاد مجد، إلا أن الرحمن اسم مختص لله تعالى لا يجوز أن يسمى به غيره ولا يوصف، ألا ترى أنه قال: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن؟
فعادل به الاسم الذي لا يشركه فيه غيره، وهما من أبنية المبالغة، ورحمن أبلغ من رحيم، والرحيم يوصف به غير الله تعالى فيقال رجل رحيم، ولا يقال رحمن. وكان مسيلمة الكذاب يقال له رحمان اليمامة، والرحيم قد يكون بمعنى المرحوم، قال عملس بن عقيل:
فأما إذا عضت بك الحرب عضة، فإنك معطوف عليك رحيم والرحمة في بني آدم عند العرب: رقة القلب وعطفه. ورحمة الله: عطفه وإحسانه ورزقه. والرحم، بالضم: الرحمة. وما أقرب رحم فلان إذا كان ذا مرحمة وبر أي ما أرحمه وأبره. وفي التنزيل: وأقرب رحما، وقرئت: رحما، الأزهري: يقول أبر بالوالدين من القتيل الذي قتله الخضر، وكان الأبوان مسلمين والابن كافرا فولد لهما بعد بنت فولدت نبيا، وأنشد الليث:
أحنى وأرحم من أم بواحدها رحما، وأشجع من ذي لبدة ضاري وقال أبو إسحق في قوله: وأقرب رحما، أي أقرب عطفا وأمس بالقرابة. والرحم والرحم في اللغة: العطف والرحمة، وأنشد:
فلا، ومنزل الفرقا ن، مالك عندها ظلم وكيف بظلم جارية، ومنها اللين والرحم؟
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست