يكون معنى طوعت سمحت وسهلت له نفسه قتل أخيه أي جعلت نفسه بهواها المردي قتل أخيه سهلا وهويته، قال: وأما على قول الفراء والمبرد فانتصاب قوله قتل أخيه على إفضاء الفعل إليه كأنه قال فطوعت له نفسه أي انقادت في قتل أخيه ولقتل أخيه فحذف الخافض وأفضى الفعل إليه فنصبه.
قال الجوهري: والاستطاعة الطاقة، قال ابن بري: هو كما ذكر إلا أن الاستطاعة للإنسان خاصة والإطاقة عامة، تقول: الجمل مطيق لحمله ولا تقل مستطيع فهذا الفرق ما بينهما، قال: ويقال الفرس صبور على الحضر. والاستطاعة: القدرة على الشئ، وقيل: هي استفعال من الطاعة، قال الأزهري: والعرب تحذف التاء فتقول اسطاع يسطيع، قال: وأما قوله تعالى: فما اسطاعوا أن يظهروه، فإن أصله استطاعوا بالتاء، ولكن التاء والطاء من مخرج واحد فحذفت التاء ليخف اللفظ، ومن العرب من يقول استاعوا، بغير طاء، قال: ولا يجوز في القراءة، ومنهم من يقول أسطاعوا بألف مقطوعة، المعنى فما أطاعوا فزادوا السين، قال: قال ذلك الخليل وسيبويه عوضا من ذهاب حركة الواو لأن الأصل في أطاع أطوع، ومن كانت هذه لغته قال في المستقبل يسطيع، بضم الياء، وحكي عن ابن السكيت قال: يقال ما أسطيع وما أسطيع وما أستيع، وكان حمزة الزيات يقرأ: فما اسطاعوا، بإدغام الطاء والجمع بين ساكنين، وقال أبو إسحق الزجاج: من قرأ بهذه القراءة فهو لاحن مخطئ، زعم ذلك الخليل ويونس وسيبويه وجميع من يقول بقولهم، وحجتهم في ذلك أن السين ساكنة، وإذا أدغمت التاء في الطاء صارت طاء ساكنة ولا يجمع بين ساكنين، قال: ومن قال أطرح حركة التاء على السين فأقرأ فما أسطاعوا فخطأ أيضا لأن سين استفعل لم تحرك قط.
قال ابن سيده: واستطاعه واسطاعه وأسطاعه واستاعه وأستاعه أطاقه فاستطاع، على قياس التصريف، وأما اسطاع موصولة فعلى حذف التاء لمقارنتها الطاء في المخرج فاستخف بحذفها كما استخف بحذف أحد اللامين في ظلت، وأما أسطاع مقطوعة فعلى أنهم أنابوا السين مناب حركة العين في أطاع التي أصلها أطوع، وهي مع ذلك زائدة، فإن قال قائل: إن السين عوض ليست بزائدة، قيل: إنها وإن كانت عوضا من حركة الواو فهي زائدة لأنها لم تكن عوضا من حرف قد ذهب كما تكون الهمزة في عطاء ونحوه، قال ابن جني: وتعقب أبو العباس على سيبويه هذا القول فقال:
إنما يعوض من الشئ إذا فقد وذهب، فأما إذا كان موجودا في اللفظ فلا وجه للتعويض منه، وحركة العين التي كانت في الواو قد نقلت إلى الطاء التي هي الفاء، ولم تعدم وإنما نقلت فلا وجه للتعويض من شئ موجود غير مفقود، قال: وذهب عن أبي العباس ما في قول سيبويه هذا من الصحة، فإما غالط وهي من عادته معه، وإما زل في رأيه هذا، والذي يدل على صحة قول سيبويه في هذا وأن السين عوض من حركة عين الفعل أن الحركة التي هي الفتحة، وإن كانت كما قال أبو العباس موجودة منقولة إلى الفاء، إما فقدتها العين فسكنت بعدما كانت متحركة فوهنت بسكونها، ولما دخلها من التهيؤ للحذف عند سكون اللام، وذلك لم يطع وأطع، ففي كل هذا قد حذف العين لالتقاء الساكنين، ولو كانت العين متحركة لما حذفت لأنه لم يك هناك التقاء ساكنين، ألا ترى أنك لو قلت أطوع يطوع ولم يطوع وأطوع زيدا لصحت العين ولم تحذف؟ فلما نقلت عنها الحركة وسكنت سقطت لاجتماع الساكنين فكان هذا توهينا