لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٥٠٥
الطهر، فإذا اغتسلت قيل: تطهرت واطهرت، قال الله عز وجل: وإن كنتم جنبا فاطهروا. وروى الأزهري عن أبي العباس أنه قال في قوله عز وجل: ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله، وقرئ: حتى يطهرن، قال أبو العباس: والقراءة يطهرن لأن من قرأ يطهرن أراد انقطاع الدم، فإذا تطهرن اغتسلن، فصير معناهما مختلفا، والوجه أن تكون الكلمتان بمعنى واحد، يريد بهما جميعا الغسل ولا يحل المسيس إلا بالاغتسال، ويصدق ذلك قراءة ابن مسعود: حتى يتطهرن، وقال ابن الأعرابي: طهرت المرأة، هو الكلام، قال: ويجوز طهرت، فإذا تطهرن اغتسلن، وقد تطهرت المرأة واطهرت، فإذا انقطع عنها الدم قيل: طهرت تطهر، فهي طاهر، بلا هاء، وذلك إذا طهرت من المحيض. وأما قوله تعالى: فيه رجال يحبون أن يتطهروا، فإن معناه الاستنجاء بالماء، نزلت في الأنصار وكانوا إذا أحدثوا أتبعوا الحجارة بالماء فأثنى الله تعالى عليهم بذلك، وقوله عز وجل:
هن أطهر لكم، أي أحل لكم. وقوله تعالى: ولهم فيها أزواج مطهرة، يعني من الحيض والبول والغائط، قال أبو إسحق: معناه أنهن لا يحتجن إلى ما يحتاج إليه نساء أهل الدنيا بعد الأكل والشرب، ولا يحضن ولا يحتجن إلى ما يتطهر به، وهن مع ذلك طاهرات طهارة الأخلاق والعفة، فمطهرة تجمع الطهارة كلها لأن مطهرة أبلغ في الكلام من طاهرة. وقوله عز وجل: أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين، قال أبو إسحق: معناه طهراه من تعليق الأصنام عليه، الأزهري في قوله تعالى: أن طهرا بيتي، يعني من المعاصي والأفعال المحرمة. وقوله تعالى: يتلو صحفا مطهرة، من الأدناس والباطل. واستعمل اللحياني الطهر في الشاة فقال: إن الشاة تقذى عشرا ثم تطهر، قال ابن سيده: وهذا طريف جدا، لا أدري عن العرب حكاه أم هو أقدم عليه. وتطهرت المرأة:
اغتسلت. وطهره بالماء: غسله، واسم الماء الطهور. وكل ماء نظيف:
طهور، وماء طهور أي يتطهر به، وكل طهور طاهر، وليس كل طاهر طهورا. قال الأزهري: وكل ما قيل في قوله عز وجل: وأنزلنا من السماء ماء طهورا، فإن الطهور في اللغة هو الطاهر المطهر، لأنه لا يكون طهورا إلا وهو يتطهر به، كالوضوء هو الماء الذي يتوضأ به، والنشوق ما يستنشق به، والفطور ما يفطر عليه من شراب أو طعام. وسئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ماء البحر فقال: هو الطهور ماؤه الحل ميتته، أي المطهر، أراد أنه طاهر يطهر. وقال الشافعي، رضي الله عنه: كل ماء خلقه الله نازلا من السماء أو نابعا من عين في الأرض أو بحر لا صنعة فيه لآدمي غير الاستقاء، ولم يغير لونه شئ يخالطه ولم يتغير طعمه منه، فهو طهور، كما قال الله عز وجل وما عدا ذلك من ماء ورد أو ورق شجر أو ماء يسيل من كرم فإنه، وإن كان طاهرا، فليس بطهور.
وفي الحديث: لا يقبل الله صلاة بغير طهور، قال ابن الأثير:
الطهور، بالضم، التطهر، وبالفتح: الماء الذي يتطهر به كالوضوء.
والوضوء والسحور والسحور، وقال سيبويه: الطهور، بالفتح، يقع على الماء والمصدر معا، قال: فعلى هذا يجوز أن يكون الحديث بفتح الطاء وضمها، والمراد بهما التطهر. والماء الطهور، بالفتح: هو الذي يرفع الحدث ويزيل النجس لأن فعولا
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»
الفهرست