لبي زيد، وأنشد:
دعوت لمانا بني مسورا، * فلبى، فلبي يدي مسور فلو كان بمنزلة على لقلت: فلبى يدي، لأنك لا تقول: علي زيد إذا أظهرت الاسم. قال ابن جني: الألف في لبى عند بعضهم هي ياء التثنية في لبيك، لأنهم اشتقوا من الاسم المبني الذي هو الصوت مع حرف التثنية فعلا، فجمعوه من حروفه، كما قالوا من لا إله إلا الله: هللت ، ونحو ذلك، فاشتقوا لبيت من لفظ لبيك، فجاؤوا في لفظ لبيت بالياء التي للتثنية في لبيك، وهذا قول سيبويه.
قال: وأما يونس فزعم أن لبيك اسم مفرد، وأصله عنده لبب، وزنه فعلل، قال: ولا يجوز أن تحمله على فعل، لقلة فعل في الكلام، وكثرة فعلل، فقلبت الباء، التي هي اللام الثانية من لبب، ياء، هربا من التضعيف، فصار لبي، ثم أبدل الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار لبى، ثم إنه لما وصلت بالكاف في لبيك، وبالهاء في لبيه، قلبت الألف ياء كما قلبت في إلى وعلى ولدى إذا وصلتها بالضمير، فقلت إليك وعليك ولديك، واحتج سيبويه على يونس فقال: لو كانت ياء لبيك، بمنزلة ياء عليك ولديك، لوجب، متى أضفتها إلى المظهر، أن تقرها ألفا، كما أنك إذا أضفت عليك وأختيها إلى المظهر، أقررت ألفها بحالها، ولكنت تقول على هذا: لبى زيد، ولبى جعفر، كما تقول : إلى زيد، وعلى عمرو، ولدى خالد، وأنشد قوله: فلبي يدي مسور، قال: فقوله لبي، بالياء مع إضافته إلى المظهر، يدل على أنه اسم مثنى، بمنزلة غلامي زيد، ولباه قال:
لبيك، ولبى بالحج كذلك، وقول المضرب بن كعب:
وإني بعد ذاك لبيب إنما أراد ملب بالحج. وقوله بعد ذاك أي مع ذاك. وحكى ثعلب: لبأت بالحج. قال: وكان ينبغي أن يقول: لبيت بالحج. ولكن العرب قد قالته بالهمز، وهو على غير القياس.
وفي حديث الإهلال بالحج: لبيك اللهم لبيك، هو من التلبية، وهي إجابة المنادي أي إجابتي لك يا رب، وهو مأخوذ مما تقدم. وقيل: معناه إخلاصي لك، من قولهم: حسب لباب إذا كان خالصا محضا، ومنه لب الطعام ولبابه. وفي حديث علقمة أنه قال للأسود: يا أبا عمرو.
قال: لبيك! قال: لبى يديك. قال الخطابي: معناه سلمت يداك وصحتا، وإنما ترك الإعراب في قوله يديك، وكان حقه أن يقول:
يداك، ليزدوج يديك بلبيك. وقال الزمخشري: معنى لبى يديك أي أطيعك، وأتصرف بإرادتك، وأكون كالشئ الذي تصرفه بيديك كيف شئت. ولباب لباب يريد به: لا بأس، بلغة حمير.
قال ابن سيده: وهو عندي مما تقدم، كأنه إذا نفى البأس عنه استحب ملازمته.
واللبب: معروف، وهو ما يشد على صدر الدابة أو الناقة، قال ابن سيده وغيره: يكون للرحل والسرج يمنعهما من الاستئخار، والجمع ألباب، قال سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناء.
وألببت السرج: عملت له لببا. وألببت الفرس، فهو ملبب، جاء على الأصل، وهو نادر: جعلت له لببا. قال: وهذا الحرف هكذا رواه ابن السكيت، بإظهار التضعيف. وقال ابن كيسان: هو غلط، وقياسه ملب، كما يقال محب، من