وقولهم: لبيك ولبيه، منه، أي لزوما لطاعتك، وفي الصحاح: أي أنا مقيم على طاعتك، قال:
إنك لو دعوتني، ودوني زوراء ذات منزع بيون، لقلت: لبيه، لمن يدعوني أصله لببت فعلت، من ألب بالمكان، فأبدلت الباء ياء لأجل التضعيف. قال الخليل، هو من قولهم: دار فلان تلب داري أي تحاذيها أي أنا مواجهك بما تحب إجابة لك، والياء للتثنية، وفيها دليل على النصب للمصدر. وقال سيبويه: انتصب لبيك، على الفعل، كما انتصب سبحان الله. وفي الصحاح: نصب على المصدر، كقولك: حمدا لله وشكرا، وكان حقه أن يقال: لبا لك، وثني على معنى التوكيد أي إلبابا بك بعد إلباب، وإقامة بعد إقامة.
قال الأزهري: سمعت أبا الفضل المنذري يقول: عرض على أبي العباس ما سمعت من أبي طالب النحوي في قولهم لبيك وسعديك، قال: قال الفراء: معنى لبيك، إجابة لك بعد إجابة، قال: ونصبه على المصدر.
قال: وقال الأحمر: هو مأخوذ من لب بالمكان، وألب به إذا أقام، وأنشد:
لب بأرض ما تخطاها الغنم قال ومنه قول طفيل:
رددن حصينا من عدي ورهطه، * وتيم تلبي في العروج، وتحلب أي تلازمها وتقيم فيها، وقال أبو الهيثم قوله:
وتيم تلبي في العروج، وتحلب أي تحلب اللبأ وتشربه، جعله من اللبإ، فترك همزه، ولم يجعله من لب بالمكان وألب. قال أبو منصور: والذي قاله أبو الهيثم أصوب. لقوله بعده وتحلب. قال وقال الأحمر: كأن أصل لب بك، لبب بك، فاستثقلوا ثلاث باءات، فقلبوا إحداهن ياء، كما قالوا: تظنيت، من الظن. وحكى أبو عبيد عن الخليل أنه قال: أصله من ألببت بالمكان، فإذا دعا الرجل صاحبه، أجابه: لبيك أي أنا مقيم عندك، ثم وكد ذلك بلبيك أي إقامة بعد إقامة. وحكي عن الخليل أنه قال: هو مأخوذ من قولهم:
أم لبة أي محبة عاطفة، قال: فإن كان كذلك، فمعناه إقبالا إليك ومحبة لك، وأنشد :
وكنتم كأم لبة، طعن ابنها * إليها، فما درت عليه بساعد قال، ويقال: هو مأخوذ من قولهم: داري تلب دارك، ويكون معناه: اتجاهي إليك وإقبالي على أمرك.
وقال ابن الأعرابي: اللب الطاعة، وأصله من الإقامة.
وقولهم: لبيك، اللب واحد، فإذا ثنيت، قلت في الرفع: لبان، وفي النصب والخفض: لبين، وكان في الأصل لبينك أي أطعتك مرتين، ثم حذفت النون للإضافة أي أطعتك طاعة، مقيما عندك إقامة بعد إقامة. ابن سيده: قال سيبويه وزعم يونس أن لبيك اسم مفرد، بمنزلة عليك، ولكنه جاء على هذا اللفظ في حد الإضافة، وزعم الخليل أنها تثنية، كأنه قال:
كلما أجبتك في شئ، فأنا في الآخر لك مجيب. قال سيبويه: ويدلك على صحة قول الخليل قول بعض العرب: لب، يجريه مجرى أمس وغاق، قال:
ويدلك على أن لبيك ليست بمنزلة عليك، أنك إذا أظهرت الاسم، قلت: