على حسب أي لا تلوى على الكفاية، لعوز الماء وقلته. ويقال: أحسبني ما أعطاني أي كفاني. ومررت برجل حسبك من رجل أي كافيك، لا يثنى ولا يجمع لأنه موضوع موضع المصدر، وقالوا: هذا عربي حسبة، انتصب لأنه حال وقع فيه الأمر، كما انتصب دنيا، في قولك: هو ابن عمي دنيا، كأنك قلت: هذا عربي اكتفاء، وإن لم يتكلم بذلك، وتقول: هذا رجل حسبك من رجل، وهو مدح للنكرة، لأن فيه تأويل فعل، كأنه قال: محسب لك أي كاف لك من غيره، يستوي فيه الواحد والجمع والتثنية، لأنه مصدر، وتقول في المعرفة: هذا عبد الله حسبك من رجل، فتنصب حسبك على الحال، وإن أردت الفعل في حسبك، قلت: مررت برجل أحسبك من رجل، وبرجلين أحسباك، وبرجال أحسبوك، ولك أن تتكلم بحسب مفردة، تقول: رأيت زيدا حسب يا فتى، كأنك قلت: حسبي أو حسبك، فأضمرت هذا فلذلك لم تنون، لأنك أردت الإضافة، كما تقول: جاءني زيد ليس غير، تريد ليس غيره عندي.
وأحسبني الشئ: كفاني، قالت امرأة من بني قشير:
ونقفي وليد الحي، إن كان جائعا، * ونحسبه، إن كان ليس بجائع أي نعطيه حتى يقول حسبي. وقولها: نقفيه أي نؤثره بالقفية، ويقال لها القفاوة أيضا، وهي ما يؤثر به الضيف والصبي.
وتقول: أعطى فأحسب أي أكثر حتى قال حسبي. أبو زيد:
أحسبت الرجل: أعطيته ما يرضى، وقال غيره: حتى قال حسبي، وقال ثعلب:
أحسبه من كل شئ: أعطاه حسبه، وما كفاه. وقال الفراء في قوله تعالى: يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين، جاء التفسير يكفيك الله، ويكفي من اتبعك، قال: وموضع الكاف في حسبك وموضع من نصب على التفسير كما قال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء، وانشقت العصا، * فحسبك والضحاك سيف مهند قال أبو العباس: معنى الآية يكفيك الله ويكفي من اتبعك، وقيل في قوله: ومن اتبعك من المؤمنين، قولان: أحدهما حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين كفاية إذا نصرهم الله، والثاني حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين، أي يكفيكم الله جميعا.
وقال أبو إسحق في قوله، عز وجل: وكفى بالله حسيبا: يكون بمعنى محاسبا، ويكون بمعنى كافيا، وقال في قوله تعالى: إن الله كان على كل شئ حسيبا، أي يعطي كل شئ من العلم والحفظ والجزاء مقدار ما يحسبه أي يكفيه.
تقول: حسبك هذا أي اكتف بهذا. وفي حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: يحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام أي يكفيك، قال ابن الأثير: ولو روي بحسبك أن تصوم أي كفايتك أو كافيك ، كقولهم بحسبك قول السوء، والباء زائدة، لكان وجها.