فقد جعل عليك اسم فعل، وفي كذب ضمير الحج، وهي كلمة نادرة، جاءت على غير القياس.
وقيل: كذب عليكم الحج أي وجب عليكم الحج. وهو في الأصل، إنما هو: إن قيل لا حج، فهو كذب، ابن شميل: كذبك الحج أي أمكنك فحج، وكذبك الصيد أي أمكنك فارمه، قال: ورفع الحج بكذب معناه نصب، لأنه يريد أن يأمر بالحج، كما يقال أمكنك الصيد، يريد ارمه، قال عنترة يخاطب زوجته:
كذب العتيق، وماء شن بارد، * إن كنت سائلتي غبوقا، فاذهبي!
يقول لها: عليك بأكل العتيق، وهو التمر اليابس، وشرب الماء البارد، ولا تتعرضي لغبوق اللبن، وهو شربه عشيا، لأن اللبن خصصت به مهري الذي أنتفع به، ويسلمني وإياك من أعدائي.
وفي حديث عمر: شكا إليه عمرو بن معد يكرب أو غيره النقرس، فقال:
كذبتك الظهائر أي عليك بالمشي فيها، والظهائر جمع ظهيرة، وهي شدة الحر.
وفي رواية: كذب عليك الظواهر، جمع ظاهرة، وهي ما ظهر من الأرض وارتفع.
وفي حديث له آخر: إن عمرو بن معد يكرب شكا إليه المعص، فقال: كذب عليك العسل، يريد العسلان، وهو مشي الذئب، أي عليك بسرعة المشي، والمعص، بالعين المهملة، التواء في عصب الرجل، ومنه حديث علي، عليه السلام:
كذبتك الحارقة أي عليك بمثلها، والحارقة: المرأة التي تغلبها شهوتها، وقيل:
الضيقة الفرج. قال أبو عبيد: قال الأصمعي معنى كذب عليكم، معنى الإغراء، أي عليكم به، وكأن الأصل في هذا أن يكون نصبا، ولكنه جاء عنهم بالرفع شاذا، على غير قياس، قال: ومما يحقق ذلك أنه مرفوع قول الشاعر:
كذبت عليك لا تزال تقوفني، * كما قاف، آثار الوسيقة، قائف فقوله: كذبت عليك، إنما أغراه بنفسه أي عليك بي، فجعل نفسه في موضع رفع، ألا تراه قد جاء بالتاء فجعلها اسمه؟ قال معقر بن حمار البارقي:
وذبيانية أوصت بنيها * بأن كذب القراطف والقروف قال أبو عبيد: ولم أسمع في هذا حرفا منصوبا إلا في شئ كان أبو عبيدة يحكيه عن أعرابي نظر إلى ناقة نضو لرجل، فقال: كذب عليك البزر والنوى، وقال أبو سعيد الضرير في قوله:
كذبت عليك لا تزال تقوفني أي ظننت بك أنك لا تنام عن وتري، فكذبت عليكم، فأذله بهذا الشعر، وأخمل ذكره، وقال في قوله:
بأن كذب القراطف والقروف قال: القراطف أكسية حمر، وهذه امرأة كان لها بنون يركبون في شارة حسنة، وهم فقراء لا يملكون وراء ذلك شيئا، فساء ذلك أمهم لأن رأتهم فقراء، فقالت: كذب القراطف أي إن زينتهم هذه كاذبة، ليس وراءها عندهم شئ.
ابن السكيت: تقول للرجل إذا أمرته بشئ وأغريته: كذب عليك كذا وكذا أي عليك به، وهي كلمة نادرة، قال وأنشدني ابن الأعرابي