قد كذبوا، جاءهم نصرنا، وسعيد أخذ التفسير عن ابن عباس. وقرأ بعضهم:
وظنوا أنهم قد كذبوا أي ظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم. قال أبو منصور: وأصح الأقاويل ما روينا عن عائشة، رضي الله عنها، وبقراءتها قرأ أهل الحرمين، وأهل البصرة، وأهل الشام. وقوله تعالى: ليس لوقعتها كاذبة، قال الزجاج: أي ليس يردها شئ، كما تقول حملة فلان لا تكذب أي لا يرد حملته شئ. قال: وكاذبة مصدر ، كقولك:
عافاه الله عافية، وعاقبه عاقبة، وكذلك كذب كاذبة، وهذه أسماء وضعت مواضع المصادر، كالعاقبة والعافية والباقية. وفي التنزيل العزيز: فهل ترى لهم من باقية؟ أي بقاء.
وقال الفراء: ليس لوقعتها كاذبة أي ليس لها مردود ولا رد، فالكاذبة، ههنا، مصدر.
يقال: حمل فما كذب. وقوله تعالى: ما كذب الفؤاد ما رأى، يقول: ما كذب فؤاد محمد ما رأى، يقول: قد صدقه فؤاده الذي رأى. وقرئ: ما كذب الفؤاد ما رأى، وهذا كله قول الفراء.
وعن أبي الهيثم: أي لم يكذب الفؤاد رؤيته، وما رأى بمعنى الرؤية، كقولك: ما أنكرت ما قال زيد أي قول زيد.
ويقال: كذبني فلان أي لم يصدقني فقال لي الكذب، وأنشد للأخطل:
كذبتك عينك، أم رأيت بواسط * غلس الظلام، من الرباب، خيالا؟
معناه: أوهمتك عينك أنها رأت، ولم تر. يقول: ما أوهمه الفؤاد أنه رأى، ولم ير، بل صدقه الفؤاد رؤيته. وقوله: ناصية كاذبة أي صاحبها كاذب، فأوقع الجزء موقع الجملة. ورؤيا كذوب: كذلك، أنشد ثعلب:
فحيت فحياها فهب فحلقت، * مع النجم رؤيا، في المنام، كذوب والأكذوبة: الكذب. والكاذبة: اسم للمصدر، كالعافية.
ويقال: لا مكذبة، ولا كذبى، ولا كذبان أي لا أكذبك. وكذب الرجل تكذيبا وكذابا: جعله كاذبا، وقال له:
كذبت، وكذلك كذب بالأمر تكذيبا وكذابا. وفي التنزيل العزيز: وكذبوا بآياتنا كذابا. وفيه: لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا أي كذبا، عن اللحياني. قال الفراء:
خففهما علي بن أبي طالب، عليه السلام، جميعا، وثقلهما عاصم وأهل المدينة، وهي لغة يمانية فصيحة. يقولون: كذبت به كذابا، وخرقت القميص خراقا. وكل فعلت فمصدره فعال، في لغتهم، مشددة. قال: وقال لي أعرابي مرة على المروة يستفتيني: ألحلق أحب إليك أم القصار؟ وأنشدني بعض بني كليب:
لقد طال ما ثبطتني عن صحابتي، * وعن حوج، قضاؤها من شفائيا وقال الفراء: كان الكسائي يخفف لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا، لأنها مقيدة بفعل يصيرها مصدرا، ويشدد: وكذبوا بآياتنا كذابا، لأن كذبوا يقيد الكذاب. قال: والذي قال حسن، ومعناه: لا يسمعون فيها لغوا أي باطلا، ولا كذابا أي لا يكذب بعضهم بعضا (1) (1 زاد في التكملة: وعن عمر بن عبد العزيز كذابا، بضم الكاف وبالتشديد، ويكون صفة على المبالغة كوضاء وحسان، يقال كذب، أي بالتخفيف، كذابا بالضم مشددا أي كذبا متناهيا.)،