لسان العرب - ابن منظور - ج ١ - الصفحة ٧٠٩
ما انثنى، وما جبن، وما رجع، وكذلك حمل فما هلل، وحمل ثم كذب أي لم يصدق الحملة، قال زهير:
ليث بعثر يصطاد الرجال، إذا * ما الليث كذب عن أقرانه صدقا وفي حديث الزبير: أنه حمل يوم اليرموك على الروم، وقال للمسلمين: إن شددت عليهم فلا تكذبوا أي لا تجبنوا وتولوا.
قال شمر: يقال للرجل إذا حمل ثم ولى ولم يمض: قد كذب عن قرنه تكذيبا، وأنشد بيت زهير. والتكذيب في القتال: ضد الصدق فيه. يقال: صدق القتال إذا بذل فيه الجد. وكذب إذا جبن، وحملة كاذبة، كما قالوا في ضدها:
صادقة، وهي المصدوقة والمكذوبة في الحملة. وفي الحديث: صدق الله وكذب بطن أخيك، استعمل الكذب ههنا مجازا، حيث هو ضد الصدق، والكذب يختص بالأقوال، فجعل بطن أخيه حيث لم ينجع فيه العسل كذبا، لأن الله قال: فيه شفاء للناس. وفي حديث صلاة الوتر: كذب أبو محمد أي أخطأ، سماه كذبا، لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب، كما أن الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النية والقصد، لأن الكاذب يعلم أن ما يقوله كذب، والمخطئ لا يعلم، وهذا الرجل ليس بمخبر، وإنما قاله باجتهاد أداه إلى أن الوتر واجب، والاجتهاد لا يدخله الكذب، وإنما يدخله الخطأ، وأبو محمد صحابي، واسمه مسعود بن زيد، وقد استعملت العرب الكذب في موضع الخطأ، وأنشد بيت الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط وقال ذو الرمة:
وما في سمعه كذب وفي حديث عروة، قيل له: إن ابن عباس يقول إن النبي، صلى الله عليه وسلم ، لبث بمكة بضع عشرة سنة، فقال: كذب، أي أخطأ. ومنه قول عمران لسمرة حين قال: المغمى عليه يصلي مع كل صلاة صلاة حتى يقضيها، فقال: كذبت ولكنه يصليهن معا، أي أخطأت.
وفي الحديث: لا يصلح الكذب إلا في ثلاث، قيل: أراد به معاريض الكلام الذي هو كذب من حيث يظنه السامع، وصدق من حيث يقوله القائل، كقوله: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب، وكالحديث الآخر: أنه كان إذا أراد سفرا ورى بغيره. وكذب عليكم الحج، والحج، من رفع، جعل كذب بمعنى وجب، ومن نصب، فعلى الإغراء، ولا يصرف منه آت، ولا مصدر، ولا اسم فاعل، ولا مفعول، وله تعليل دقيق، ومعان غامضة تجئ في الأشعار.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: كذب عليكم الحج، كذب عليكم العمرة، كذب عليكم الجهاد، ثلاثة أسفار كذبن عليكم، قال ابن السكيت:
كأن كذبن، ههنا، إغراء أي عليكم بهذه الأشياء الثلاثة.
قال: وكان وجهه النصب على الإغراء، ولكنه جاء شاذا مرفوعا، وقيل معناه: وجب عليكم الحج، وقيل معناه: الحث والحض. يقول:
إن الحج ظن بكم حرصا عليه، ورغبة فيه، فكذب ظنه لقلة رغبتكم فيه. وقال الزمخشري:
معنى كذب عليكم الحج على كلامين: كأنه قال كذب الحج عليك الحج أي ليرغبك الحج، هو واجب عليك، فأضمر الأول لدلالة الثاني عليه، ومن نصب الحج،
(٧٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 704 705 706 707 708 709 710 711 712 713 714 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حرف الهمزة فصل الهمزة 23
2 فصل الباء الموحدة 25
3 فصل التاء المثناة فوقها 39
4 فصل الثاء المثلثة 40
5 فصل الجيم 41
6 فصل الحاء المهملة 53
7 فصل الخاء المعجمة 62
8 فصل الدال المهملة 69
9 فصل الذال المعجمة 79
10 فصل الراء 81
11 فصل الزاي 90
12 فصل السين المهملة 92
13 فصل الشين المعجمة 99
14 فصل الصاد المهملة 107
15 فصل الضاد المعجمة 110
16 فصل الطاء المهملة 113
17 فصل الظاء المعجمة 116
18 فصل العين المهملة 117
19 فصل الغين المعجمة 119
20 فصل الفاء 119
21 فصل القاف 127
22 فصل الكاف 136
23 فصل اللام 150
24 فصل الميم 154
25 فصل النون 161
26 فصل الهاء 179
27 فصل الواو 189
28 فصل الياء المثناة تحتها 202
29 حرف الباء فصل الهمزة 204
30 فصل الباء الموحدة 221
31 فصل التاء المثناة فوقها 225
32 فصل الثاء المثلثة 234
33 فصل الجيم 248
34 فصل الحاء المهملة 288
35 فصل الخاء المعجمة 341
36 فصل الدال المهملة 368
37 فصل الذال المعجمة 377
38 فصل الراء 398
39 فصل الزاي المعجمة 443
40 فصل السين المهملة 454
41 فصل الشين المعجمة 479
42 فصل الصاد المهملة 514
43 فصل الضاد المعجمة 538
44 فصل الطاء المهملة 553
45 فصل الظاء المعجمة 568
46 فصل العين المهملة 572
47 فصل الغين المعجمة 634
48 فصل الفاء 657
49 فصل القاف 657
50 فصل الكاف 694
51 فصل اللام 729
52 فصل الميم 747
53 فصل النون 747
54 فصل الهاء 778
55 فصل الواو 791
56 فصل الياء المثناة تحتها 805