حرف الهمزة نذكر، في هذا الحرف، الهمزة الأصلية، التي هي لام الفعل، فاما المبدلة من الواو نحو العزاء، الذي أصله عز أو، لأنه من عزوت، أو المبدلة من الياء نحو الاباء، الذي أصله اباي، لأنه من أبيت، فنذكره في باب الواو والياء، ونقدم هنا الحديث في الهمزة.
قال الأزهري: إعلم أن الهمزة لا هجاء لها، انما تكتب مرة ألفا ومرة ياء و مرة واوا، والألف اللينة لا حرف لها، انما هي جزء من مدة بعد فتحة. والحروف ثمانية وعشرون حرفا مع الواو والألف والياء، وتتم بالهمزة تسعة وعشرين حرفا. والهمزة كالحرف الصحيح، غير أن لها حالات من التليين والحذف والابدال والتحقيق تعتل، فألحقت بالأحرف المعتلة الجوف، وليست من الجوف، انما هي حلقية في أقصى الفم، ولها ألقاب كألقاب الحروف الجوف، فمنها همزة التأنيث، كهمزة الحمراء والنفساء والعشراء والخشاء، وكل منها مذكور في موضعه، ومنها الهمزة الأصلية في آخر الكلمة مثل:
الجفاء والبواء والرطاء والطواء، ومنها الوحاء والباء والداء والايطاء في الشعر. هذه كلها همزها أصلي، ومنها همزة المدة المبدلة من الياء والواو: كهمزة السماء والبكاء والكساء والدعاء والجزاء وما أشبهها، ومنها الهمزة المجتلبة بعد الألف الساكنة نحو: همزة وائل وطائف، وفي الجمع نحو كتائب وسرائر، ومنها الهمزة الزائدة نحو: همزة الشمأل والشامل والغرقئ، ومنها الهمزة التي تزاد لئلا يجتمع ساكنان نحو: اطمأن واشمأز وازبأر وما شاكلها، ومنها همزة الوقفة في آخر الفعل لغة لبعض دون بعض نحو قولهم للمرأة: قولئ، وللرجلين قولا، وللجميع قولؤ، وإذا وصلوا الكلام لم يهمزوا، ويهمزون لا إذا وقفوا عليها، ومنها همزة التوهم، كما روى الفراء عن بعض العرب أنهم يهمزون ما لا همز فيه إذا ضارع المهموز. قال: وسمعت امرأة من غني تقول: رثات زوجي بأبيات، كأنها لما سمعت رثات اللبن ذهبت إلى أن مرثية الميت منها. قال: ويقولون لبات بالحج وحلأت السويق، فيغلطون لان حلات يقال في دفع العطشان عن الماء، ولبات يذهب بها اللبا. وقالوا: استنشأت الريح والصواب استنشيت، ذهبوا به إلى قولهم نشا السحاب، ومنها الهمزة الأصلية الظاهرة نحو همز الخب ء والدف ء والكف ء والعب ء وما أشبهها، ومنها اجتماع همزتين في كلمة واحدة نحو همزتي الرئاء والحاوئاء ، واما الضياء فلا يجوز همز يائه، والمدة الأخيرة فيه همزة أصلية من ضاء يضوء ضوءا. قال أبو العباس احمد بن يحيى فيمن همز ما ليس بمهموز:
وكنت أرجي بئر نعمان، حائرا، * فلواء بالعينين والانف حائر أراد لوى، فهمز، كما قال:
كمشترئ بالحمد ما لا يضيره