قال الزجاج: وقول الخليل أقيس، وقول أبي عمرو جيد أيضا.
وأما الهمزتان، إذا كانتا مكسورتين، نحو قوله: على البغاء إن أردن تحصنا، وإذا كانتا مضمومتين نحو قوله: أولياء أولئك، فان أبا عمرو يخفف الهمزة الأولى منهما، فيقول:
على البغاء ان، وأولياء أولئك، فيجعل الهمزة الأولى في البغاء بين الهمزة والياء ويكسرها، ويجعل الهمزة في قوله: أولياء أولئك، الأولى بين الواو والهمزة ويضمها.
قال: وجملة ما قاله في مثل هذه ثلاثة أقوال: أحدها، وهو مذهب الخليل، أن يجعل مكان الهمزة الثانية همزة بين بين، فإذا كان مضموما جعل الهمزة بين الواو والهمزة. قال : أولياء أولئك، على البغاء ان، وأما أبو عمرو فيقرا على ما ذكرنا، وأما ابن أبي اسحق وجماعة من القراء ، فإنهم يجمعون بين الهمزتين، وأما اختلاف الهمزتين نحو قوله تعالى: كما آمن السفهاء ألا، فأكثر القراء على تحقيق الهمزتين، وأما أبو عمرو، فإنه يحقق الهمزة الثانية في رواية سيبويه، ويخفف الأولى، فيجعلها بين الواو والهمزة، فيقول: السفهاء ألا، ويقرأ من في السماء أن، فيحقق الثانية، واما سيبويه والخليل فيقولان:
السفهاء ولا، يجعلان الهمزة الثانية واوا خالصة. وفي قوله تعالى: أأمنة من في السماءين، ياء خالصة، والله اعلم.
قال ومما جاء عن العرب في تحقيق الهمز وتليينه وتحويله وحذفه، وقال أبو زيد الأنصاري: الهمز على ثلاثة أوجه: التحقيق والتخفيف والتحويل. فالتحقيق منه أن تعطى الهمزة حقها من الاشباع، فإذا أردت أن تعرف إشباع الهمزة، فاجعل العين في موضعها، كقولك من الخب ء:
قد خبأت لك بوزن خبعت لك، وقرات بوزن قرعت، فانا أخبع وأقرع، وانا خابع وخابئ وقارئ نحو قارع، بعد تحقيق الهمزة بالعين، كما وصفت لك، قال: والتخفيف من الهمز انما سموه تخفيفا لأنه لم يعط حقه من الاعراب والاشباع، وهو مشرب همزا، تصرف في وجوه العربية بمنزلة سائر الحروف التي تحرك، كقولك:
خبأت وقرات، فجعل الهمزة ألفا ساكنة على سكونها في التحقيق، إذا كان ما قبلها مفتوحا، وهي كسائر الحروف التي يدخلها التحريك، كقولك: لم يخبإ الرجل، ولم يقرا القران، فكسر الألف من يخبإ ويقرإ لسكون ما بعدها، فكأنك قلت لم يخبير جل ولم يقر يلقرآن، وهو يخبو ويقرو، فيجعلها واوا مضمومة في الادراج، فان وقفتها جعلتها ألفا غير أنك تهيئها للضمة من غير أن تظهر ضمتها فتقول: ما أخبأه وأقراه، فتحرك الألف بفتح لبقية ما فيها من الهمزة كما وصفت لك، وأما التحويل من الهمز، فان تحول الهمز إلى الياء والواو، كقولك: قد خبيت المتاع فهو مخبي، فهو يخباه، فاعلم، فيجعل الياء ألفا حيث كان قبلها فتحة نحو الف يسعى ويخشى لان ما قبلها مفتوح.
قال: وتقول رفوت الثوب رفوا، فحولت الهمزة واوا كما ترى، وتقول لم يخب عني شيئا فتسقط موضع اللام من نظيرها من الفعل للأعراب، وتدع ما بقي على حاله متحركا، وتقول ما أخباه، فتسكن الألف المحولة كما أسكنت الألف من قولك ما أخشاه وأسعاه.
قال: ومن محقق الهمز قولك للرجل: يلؤم، كأنك قلت يلعم، إذا كان بخيلا، وأسد يزئر كقولك يزعر، فإذا أردت التخفيف قلت للرجل: يلم، وللأسد يزر على إن ألقيت الهمزة من قولك يلؤم ويزئر، وحركت ما قبلها بحركتها على الضم والكسر، إذا كان ما قبلها ساكنا، فإذا أردت