كما تتكفأ السفينة في جريها. قال ابن الأثير: روي مهموزا وغير مهموز. قال : والأصل الهمز لأن مصدر تفعل من الصحيح تفعل كتقدم تقدما، وتكفأ تكفؤا، والهمزة حرف صحيح، فأما إذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تحفى تحفيا، وتسمى تسميا، فإذا خففت الهمزة التحقت بالمعتل وصار تكفيا بالكسر. وكل شئ أملته فقد كفأته، وهذا كما جاء أيضا أنه كان إذا مشى كأنه ينحط في صبب.
وكذلك قوله: إذا مشى تقلع، وبعضه موافق بعضا ومفسره. وقال ثعلب في تفسير قوله: كأنما ينحط في صبب: أراد أنه قوي البدن، فإذا مشى فكأنما يمشي على صدور قدميه من القوة، وأنشد:
الواطئين على صدور نعالهم، * يمشون في الدفئي والأبراد والتكفي في الأصل مهموز فترك همزه، ولذلك جعل المصدر تكفيا. وأكفأ في سيره: جار عن القصد. وأكفأ في الشعر: خالف بين ضروب إعراب قوافيه، وقيل: هي المخالفة بين هجاء قوافيه، إذا تقاربت مخارج الحروف أو تباعدت. وقال بعضهم:
الإكفاء في الشعر هو المعاقبة بين الراء واللام، والنون والميم. قال الأخفش : زعم الخليل أن الإكفاء هو الإقواء، وسمعته من غيره من أهل العلم.
قال: وسألت العرب الفصحاء عن الإكفاء، فإذا هم يجعلونه الفساد في آخر البيت والاختلاف من غير أن يحدوا في ذلك شيئا، إلا أني رأيت بعضهم يجعله اختلاف الحروف، فأنشدته:
كأن فا قارورة لم تعفص، منها، حجاجا مقلة لم تلخص، كأن صيران المها المنقز فقال: هذا هو الإكفاء. قال: وأنشد آخر قوافي على حروف مختلفة، فعابه، ولا أعلمه إلا قال له: قد أكفأت. وحكى الجوهري عن الفراء: أكفأ الشاعر إذا خالف بين حركات الروي، وهو مثل الإقواء. قال ابن جني: إذا كان الإكفاء في الشعر محمولا على الإكفاء في غيره، وكان وضع الإكفاء إنما هو للخلاف ووقوع الشئ على غير وجهه، لم ينكر أن يسموا به الإقواء في اختلاف حروف الروي جميعا، لأن كل واحد منهما واقع على غير استواء. قال الأخفش: إلا أني رأيتهم، إذا قربت مخارج الحروف، أو كانت من مخرج واحد، ثم اشتد تشابهها، لم تفطن لها عامتهم، يعني عامة العرب. وقد عاب الشيخ أبو محمد بن بري على الجوهري قوله: الإكفاء في الشعر أن يخالف بين قوافيه، فيجعل بعضها ميما وبعضها طاء، فقال: صواب هذا أن يقول وبعضها نونا لأن الإكفاء إنما يكون في الحروف المتقاربة في المخرج، وأما الطاء فليست من مخرج الميم. والمكفأ في كلام العرب هو المقلوب، وإلى هذا يذهبون. قال الشاعر:
ولما أصابتني، من الدهر، نزلة، * شغلت، وألهى الناس عني شؤونها إذا الفارغ المكفي منهم دعوته، * أبر، وكانت دعوة يستديمها فجمع الميم مع النون لشبهها بها لأنهما يخرجان من الخياشيم. قال وأخبرني من أثق به من أهل العلم أن ابنة أبي مسافع قالت ترثي أباها، وقتل،