الإتيان بالمأمور به بداعي الأمر غاية الأمر أنه بنفسه غير واف بالمطلوب إلا أنه بضميمة ما عرفت يتم به المطلوب هذا ما أفاده دام ظله العالي.
أقول: ويمكن تقريب المدعى بوجه آخر، لعله أحسن مما مر وهو أنا نعلم بالضرورة أن الشارع لم يتعلق غرضه في العبادات بأزيد من إيقاعها على وجه التعبد وأن كل ما كان عنده فيها من الأغراض يحصل بمجرد إيقاعها كذلك، والقائلون باعتبار معرفة الواجب تفصيلا أيضا معترفون بذلك، فإن اعتبارهم إياها إنما هو لزعمهم أن موضوع العبادة لا يتحقق إلا بها، وقولهم إن الطاعة متوقفة عليها يعنون به أن الطاعة اللازمة التي يتوقف عليها فراغ الذمة متوقفة على الإتيان بالواجب على وجه يحصل غرض المولى، وغرض الشارع في العبادات متوقف على وقوعها عبادة، وهو متوقف على معرفة وجه المأتي به تفصيلا، فيجب الإتيان بها كذلك، تحصيلا للفراغ اليقيني مع اعترافهم بأنها لو تحققت وانعقدت عبادة بدونها لكفت في تحصيل الفراغ، فيكون اعتبارهم للمعرفة التفصيلية بالأخرة راجعا إلى اعتبارها في موضوع العبادة كما يظهر للمتأمل في كلماتهم، ونحن نقطع بانعقاد الفعل عبادة بمجرد الإتيان به بداعي الأمر، ومعه لا يبقى شك في [عدم] مدخلية المعرفة التفصيلية في الإطاعة بوجه في العبادات الشرعية أيضا، بل قد حققنا في مطاوي بعض المباحث عدم توقف العبادة على الأمر أيضا.
وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في عدم توقفها على معرفة وجه الفعل تفصيلا في العرف والعادة فإذا ثبت عدم توقفها عليها في العادة ثبت في العبادات الشرعية أيضا، للقطع بعدم إحداث الشارع معنى آخر للعبادات وراء ما عندهم وإنما أحدث مصاديق لها لم يكن معهودة عندهم، هذا.
ثم إنه بعد ما أثبتنا عدم اعتبار معرفة الوجه تفصيلا على سبيل العلم ظهر عدم اعتبارها ظنا بطريق أولى، فيجوز ترك الموافقة التفصيلية الظنية مطلقا