ثم إن المراد بالعلم الإجمالي المبحوث عن كونه مثبتا للتكليف إنما هو العلم الإجمالي بالخطاب لا العلم بالتكليف، لأن فرض الكلام في العلم بالتكليف يناقض إنكار كونه مثبتا له صريحا فلا يعقل فيه النزاع.
مع أنه ذهب بعضهم في المقام إلى جواز المخالفة القطعية وجعل المعلوم الإجمالي كالمشكوك رأسا كما ستعرف.
والحاصل: أن الكلام في العلم الإجمالي بطلب من الشارع هل هو كالعلم التفصيلي في كونه منجزا لمتعلقه على المكلف على وجه يستحق العقاب على مخالفته قطعا لا محالة أو أنه كالمجهول رأسا فلا يوجب تنجزه عليه أصلا.
في كفاية الموافقة الإجمالية وعدمها قوله - قدس سره -: (وأخرى في أنه بعد ما ثبت التكليف إلى قوله فهل يكتفي في امتثاله بالموافقة الإجمالية) () أقول: قبل الشروع في المسألة ينبغي تمهيد مقال:
فاعلم أن الشك في كفاية الموافقة الإجمالية قد ينشأ من الشك في اعتبار قصد وجه المأتي به، بمعنى جعله داعيا إلى الإتيان به، فإن ذلك - أيضا - لا يتحقق إلا بالموافقة التفصيلية ومعرفة أن ما يأتي به هو الواجب، وقد ينشأ من الشك في اعتبار كلا الأمرين معا، وذلك لأنه لا يعقل الشك في كفاية الموافقة مع القطع بعدم اعتبار شيء من ذينك الأمرين، لأن معنى الموافقة التفصيلية المبحوث عن لزومها وعدمه إنما هو الإتيان بالمأمور به على وجه يمتاز المكلف به في وجوده الخارجي عن غيره بأن يعرف الفعل الشخصي الصادر منه المنطبق على () الواجب، بأن يعلم أنه هو فرد ذلك الواجب الكلي، وذلك عين معرفة وجه المأتي به تفصيلا، فاحتمال اعتبارها يناقض القطع بعدم اعتبار معرفة الوجه