العمل بقطعه مطلقا أو من سبب خاص، سواء كان العبد قطاعا أو غيره، بحيث لا يقبح منه ذلك النهي عند العقلاء، أو لا؟ فإن جاز ذلك جاز من أي مولى كان، وإن لم يجز لم يجز مطلقا فليس حكم المثال المذكور مفروغا عنه حتى يحتج به على أحد طرفي المسألة فتأمل.
تنبيه: بعد ما قيد هذا المفصل - عدم حجية قطع القطاع بما إذا احتمل اشتراط حجية قطعه بعدم كونه قطاعا أو علم به - أخذ في التوجيه فقال:
(يشترط في حجية القطع عدم منع الشارع عنه وإن كان العقل أيضا قد يقطع بعدم المنع إلا أنه إذا احتمل المنع يحكم بحجية القطع ظاهرا) () انتهى.
أقول: لا يخفى ما بين توجيهه الذي عرفت وتقييده عدم حجية القطع بما إذا احتمل اشتراط عدم حجيته بعدم كونه قطاعا من التنافي فإن قوله في التوجيه: (إلا إنه إذا احتمل المنع يحكم بحجية القطع ظاهرا) اعتراف منه بحجية قطع القطاع عند احتماله منع الشارع من العمل به مع أنه قيد حجيته بعدم احتماله له ونفى حجيته عند احتماله في أول كلامه.
اللهم إلا أن يكون مراده بالحجية التي اشتراطها بعدم احتمال منع الشارع هو جواز الحكم بمؤدى القطع وأنه حكم الله تعالى ويكون مراده بها في قوله (إلا أنه إذا احتمل المنع يحكم بحجية القطع ظاهرا) مجرد جواز العمل على طبقه وقبح المؤاخذة عليه على تقدير أدائه إلى مخالفة الواقع، فيكون حكم العقل بذلك نظير حكمه بعدم المنع في الأصول العملية المقررة للشك، وهذا وإن كان يدفع التنافي المذكور إلا أن المنع من الحكم بمؤدى القطع وكونه هو حكم الله تعالى ولو كان هو قطع القطاع يناقض نفس القطع، ومعنى القطع بوجوب شيء مثلا شرعا ليس إلا الجزم بكون المقطوع حكم الله تعالى.