وثانيهما: قوله (لا تنقض اليقين بالشك) يفيد جعل المكلف متيقنا بأن يعامل مع نفسه حال الشك ما كان يعامل معها حال اليقين وجعل مشكوكه منزلة المتيقن من غير اختصاص له بإفادة تنزيله منزلته في الآثار الثابتة لذاته، بل يعم ما كان له باعتبار اليقين أيضا.
لا يقال: إنه إذا كان عاما للآثار الثابتة له باعتبار اليقين، فيلزم انتفاء الثمرة المذكورة بالنسبة إلى الاستصحاب، فإن لازمه قيامه مقام القطع المأخوذ في موضوع حكم من جهة خصوصيته أيضا.
لأنا نقول: الظاهر من قوله عليه السلام (لا تنقض اليقين بالشك) ليس هو العموم إلى ذلك المقدار، بل الذي يظهر منه هو العموم بالنسبة إلى الآثار الثابتة للمتيقن من حيث كون اليقين طريقا إليه وكاشفا عنه، وأما بالنسبة إلى أزيد منه فلا أقل من إجماله فيه إن لم يكن ظاهرا في نفيه.
ثم إن المصنف لما بنى في مسألة الاستصحاب على اعتباره بالنسبة إلى الآثار الثابتة لنفس المتيقن، فالذي ينفعه في دفع الإشكال المذكور هو الوجه الأول لكنه (دام ظله) اختار عموم دليل اعتباره لما يكون له باعتبار اليقين وليس ببعيد، بل الظاهر ذلك بعد تعذر حمل قوله عليه السلام (لا تنقض اليقين بالشك) على حقيقته، لأنه حينئذ أقرب إليها من إرادة عدم نقض آثار ذات المتيقن فقط، فلا تغفل.
قوله - قدس سره -: (ومما ذكرنا يظهر أنه لو نذر أحد أن يتصدق كل يوم بدرهم ما دام متيقنا بحياة ولده فإنه لا يجب التصدق عند الشك في الحياة لأجل استصحاب الحياة بخلاف ما لو علق النذر بنفس الحياة، فإنه يكفي في الوجوب الاستصحاب) ().