منزلة المتيقن في الأحكام الثابتة لذاته لا يختص بالأحكام التكليفية الثابتة له، بل يعم الوضعية أيضا.
ومن المعلوم أن ذات المعلوم في محل الفرض وإن لم يكن له الحكم التكليفي المفروض، بل إنما هو له مقيدا بكونه منكشفا لكن جزئيته لموضوع ذلك الحكم من الأحكام الوضعية المجعولة فذلك الدليل الدال على تنزيل () المشكوك منزلته فيما له من الحكم يفيد جزئيته لموضوع ذلك الحكم على نحو جزئية ذات ذلك المتيقن له بحيث إذا لحقه الجزء الآخر الذي يلحق ذات ذلك المتيقن وهو الانكشاف يترتب عليه ذلك الحكم، فقوله عليه السلام (لا تنقض اليقين بالشك) يفيد تنزيل مشكوك الخمرية المعلوم كونه خمرا في السابق مقام ذات الخمر في كونه جزء لموضوع الحرمة بحيث إذا علم وانكشف للمكلف مثل انكشاف ذات الخمر يترتب عليه حكم الحرمة.
ومن المعلوم أن مشكوك الخمرية بعنوان كونه كذلك أمر وجداني لا يعقل للمكلف الشك فيه، بل هو معلوم له، إذ لو فرض كونه غافلا لما كان شاكا أيضا، لتوقف الشك على الالتفات - كما مر في أول المسألة - ومع التفاته وشكه عالم بكونه شاكا في خمرية المائع، والمفروض كونه مشكوك الخمرية، فمشكوك الخمرية المنزل مقام ذات الخمر في جزئيته لموضوع الحرمة ملازم للجزء الآخر له، وهو العلم، بخلاف ذات الخمر، لإمكان الشك فيه حينئذ بعد ملاحظة قوله (لا تشرب الخمر المعلوم) وقوله عليه السلام (لا تنقض اليقين بالشك) المفيدة لما ذكر وأن مشكوك الخمرية بعنوان كونه كذلك معلوم للمكلف [و] () لم يبق له حالة منتظرة في الحكم عليه بالحرمة إلى ملاحظة دليل ثالث.