الدليل على عدم اعتبارها أيضا، لأنه بعد فرض أخذ تلك الطبيعة المشتركة بين القطع والظن في موضوع الحرمة يكون تلك الأمارات الظنية مساوية للقطع في دخولها في ذلك الدليل، لصدق تلك الطبيعة على الجميع على حد سواء، نعم يمكن تقييد تلك الطبيعة ببعض أفرادها كالقطع أو هو مع بعض أفراد الظن من حيث الجزية لموضوع الحكم، لكن لا بد أن يكون ذلك بدليل آخر غير ما دل على عدم () اعتبار الظن الخارج من حيث الطريقية - بل المقصود أخذه فيه من حيث كشفه مقابل جهة كونه صفة خاصة، بأن يكون موضوع الحكم في قوله لا تشرب الخمر المعلوم - مثلا - هو الخمر المنكشف، ومن المعلوم أن حقيقة انكشاف أمر إنما هي ظهوره على وجه لا غبار ولا غطاء عليه، ومصداقها منحصر في العلم، لأن الظن وإن كان له جهة إراءة وحكاية عن متعلقه، إلا أنه لعدم منعه من احتمال النقيض لا يظهر معه ما يحكي عنه على الوجه المذكور.
لا يقال: إنه إذا كانت حقيقة انكشاف المأخوذ في موضوع الحكم عبارة عما ذكر مع فرض انحصار مصداقها في القطع، فيؤول اعتبارها في الموضوع إلى اعتبار الصفة الخاصة للعلم، لعدم تحققها في غير مورد تلك الخصوصية.
لأنا نقول: معنى اعتبار الانكشاف على الوجه المذكور - في موضوع الحكم في مقابل الصفة الخاصة للقطع - أن النظر في جعل الحكم وإيراده على الخمر المعلوم - مثلا - إنما هو إلى تلك الحيثية، أعني حيثية كشف العلم عن متعلقة الذي هو الخمر من غير ملاحظة حيثية كونه صفة قائمة بنفس المكلف بحيث لو فرض محالا وجود فرد آخر للكشف لكان مساويا للعلم في تحقق موضوع الحكم به بالنظر إلى غرض الشارع، وقائما مقامه من غير حاجة إلى دليل آخر غير ما دل على حرمة معلوم الخمرية، وانحصار مصادقة في العلم لا