ثم إن الظاهر من إسناد الاقتضاء إلى التعليق والتقييد أن المراد به الاستلزام عقلا، فمقتضاه كون المسألة عقلية، لكن بملاحظة ما تقدم من العلم بأن النزاع في المقام إنما هو في إثبات الدلالة للفظ على الانتفاء عند الانتفاء يعلم أن المراد [به] أن أدوات الشرط هل هي تدل على تعليق التالي على المقدم على وجه يلزمه الانتفاء عند الانتفاء، فتكون دالة عليه بالاستلزام البين، أو لا؟ وكان الأليق بمقصودهم تحرير الخلاف بهذه العبارة.
والمراد بالشرط هنا إنما هو الشرط النحوي المعبر [عنه] في اصطلاح أهل الميزان بالمقدم، وهو الجملة التالية لكلمة (إن) وأخواتها من أدوات الشرط، لا ما هو المصطلح عليه عند أهل المعقول وعند الأصوليين - أيضا - وهو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود، ضرورة أن التعليق عليه ملازم عقلا للانتفاء عند الانتفاء، فلا يعقل كونه محلا للنزاع بعد الفراغ عن كون الشرط هكذا، لرجوعه إلى التناقض، ولا الشرط اللغوي - أيضا - لعدم ارتباطه بالمقام بوجه، كما لا يخفى، ولا الذي بمعنى السبب حيث إنه قد يطلق عليه، ضرورة أن مجرد التعليق على سبب لا يستلزم انتفاء المسبب عند انتفائه، لجواز قيام سبب آخر مقامه، فلا يعقل النزاع فيه أيضا، فإن ذلك إنما هو لازم السبب المنحصر.
وكيف كان، فتوهم خلاف المقصود في موضع الخلاف أو الشك فيه يدفعه ما علم من الخارج، من أن الكلام إنما هو في دلالة أدوات الشرط على الانتفاء عند الانتفاء، لا إثباته ولو بالبرهان العقلي.
ويعضدنا ما حكي (1) عن جماعة من تحريرهم لموضع الخلاف بالتعليق