موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ١٠ - الصفحة ١٦٦
السعي على اجتهادهم. لم يستعظموا ما مضى من أعمالهم، ولو استعظموا ذلك لنسخ الرجاء منهم شفقات وجلهم، ولم يختلفوا في ربهم باستحواذ الشيطان عليهم. ولم يفرقهم سوء التقاطع، ولا تولاهم غل التحاسد، ولا تشعبتهم مصارف الريب، ولا اقتسمتهم أخياف الهمم، فهم اسراء إيمان لم يفكهم من ربقته زيغ ولا عدول ولا ونى ولا فتور. وليس في أطباق السماء موضع إهاب إلا وعليه ملك ساجد، أو ساع حافد (1)، يزدادون على طول الطاعة بربهم علما، وتزداد عزة ربهم في قلوبهم عظما (2).
5356 - عنه (عليه السلام) - في خلق الملائكة -: ثم فتق ما بين السماوات العلا، فملأهن أطوارا من ملائكته، منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون، ومسبحون لا يسأمون، لا يغشاهم نوم العيون، ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، ولا غفلة النسيان. ومنهم امناء على وحيه، وألسنة إلى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره، ومنهم الحفظة لعباده، والسدنة لأبواب جنانه. ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم. ناكسة دونه أبصارهم، متلفعون تحته بأجنحتهم، مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة، وأستار القدرة. لا يتوهمون ربهم بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين، ولا يحدونه بالأماكن، ولا يشيرون إليه بالنظائر (3).
5357 - عنه (عليه السلام) - أيضا، مخاطبا الله عز وجل -: وملائكة خلقتهم وأسكنتهم

(١) نحفد: أي نسرع في العمل والخدمة (النهاية: ١ / ٤٠٦).
(٢) نهج البلاغة: الخطبة ٩١ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: ٥٧ / ١٠٩ / ٩٠.
(٣) نهج البلاغة: الخطبة ١، بحار الأنوار: ٥٧ / 177 / 136.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 163 164 165 166 167 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست