من هلك منا وفارقنا، فإن ذلك أقوى لنا على عدونا.
فأقبلت بكم حتى إذا أطللتم على الكوفة أمرتكم أن تنزلوا بالنخيلة (1)، وأن تلزموا معسكركم، وأن تضموا قواضبكم (2)، وأن توطنوا على الجهاد أنفسكم، ولا تكثروا زيارة أبنائكم ونسائكم. فإن أصحاب الحرب المصابروها، وأهل التشمير فيها الذين لا ينوحون من سهر ليلهم ولا ظمأ نهارهم ولا خمص بطونهم ولا نصب أبدانهم، فنزلت طائفة منكم معي معذرة، ودخلت طائفة منكم المصر عاصية، فلا من بقي منكم ثبت وصبر، ولا من دخل المصر عاد إلي ورجع، فنظرت إلى معسكري وليس فيه خمسون رجلا، فلما رأيت ما أتيتم دخلت إليكم فما قدرت على أن تخرجوا معي إلى يومنا هذا.
فما تنتظرون؟ أما ترون إلى أطرافكم قد انتقصت، وإلى أمصاركم قد افتتحت، وإلى شيعتي بها بعد قد قتلت، وإلى مسالحكم (3) تعرى، وإلى بلادكم تغزى، وأنتم ذوو عدد كثير، وشوكة وبأس شديد، فما بالكم؟ لله أنتم! من أين تؤتون؟ وما لكم أنى تؤفكون؟! وأنى تسحرون؟! ولو أنكم عزمتم وأجمعتم لم تراموا، ألا إن القوم قد اجتمعوا وتناشبوا وتناصحوا وأنتم قد ونيتم وتغاششتم وافترقتم، ما أنتم إن أتممتم عندي على ذي سعداء، فأنبهوا نائمكم واجتمعوا