فهناك نهدت (1) إليهم بالمسلمين فقاتلتهم، فلما عضهم السلاح ووجدوا ألم الجراح رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها، فأنبأتكم أنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وأنهم رفعوها غدرا ومكيدة وخديعة ووهنا وضعفا؛ فامضوا على حقكم وقتالكم، فأبيتم علي وقلتم: اقبل منهم، فإن أجابوا إلى ما في الكتاب جامعونا على ما نحن عليه من الحق، وإن أبوا كان أعظم لحجتنا عليهم، فقبلت منكم، وكففت عنهم إذ أبيتم وونيتم، وكان الصلح بينكم وبينهم على رجلين يحييان ما أحيا القرآن، ويميتان ما أمات القرآن، فاختلف رأيهما وتفرق حكمهما، ونبذا ما في القرآن وخالفا ما في الكتاب، فجنبهما الله السداد ودلاهما في الضلال، فنبذا حكمهما وكانا أهله.
فانخزلت (2) فرقة منا فتركناهم ما تركونا حتى إذا عثوا في الأرض يقتلون ويفسدون أتيناهم فقلنا: ادفعوا إلينا قتلة إخواننا، ثم كتاب الله بيننا وبينكم، قالوا: كلنا قتلهم، وكلنا استحل دماءهم ودماءكم، وشدت علينا خيلهم ورجالهم، فصرعهم الله مصرع الظالمين.
فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم فقلتم:
كلت سيوفنا، ونفدت نبالنا، ونصلت (3) أسنة رماحنا، وعاد أكثرها قصدا (4) فارجع بنا إلى مصرنا لنستعد بأحسن عدتنا، وإذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدة