الأقربين وعمت جميع المسلمين، ما أصيبوا بمثلها قبلها ولن يعاينوا بعد أختها.
فلما مضى لسبيله (صلى الله عليه وآله) تنازع المسلمون الأمر بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الأمر بعد محمد (صلى الله عليه وآله) عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عني من بعده.
فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر وإجفالهم إليه ليبايعوه، فأمسكت يدي ورأيت أني أحق بمقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الناس ممن تولى الأمر من بعده.
فلبثت بذلك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين الله وملة محمد (صلى الله عليه وآله) وإبراهيم (عليه السلام) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما يكون مصيبته أعظم علي من فوات ولاية أموركم، التي إنما هي متاع أيام قلائل ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب وكما ينقشع السحاب، فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته، ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق، وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون.
فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر وشدد وقارب واقتصد، فصحبته مناصحا وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا، وما طمعت أن لو حدث به حدث وأنا حي أن يرد إلي الأمر الذي نازعته فيه طمع مستيقن ولا يئست منه يأس من لا يرجوه، ولولا خاصة ما كان بينه وبين عمر لظننت أنه لا يدفعها عني.
فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه فسمعنا وأطعنا وناصحنا، وتولى عمر الأمر فكان مرضي السيرة ميمون النقيبة، حتى إذا احتضر قلت في نفسي: لن يعدلها عني فجعلني سادس ستة، فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم، فكانوا يسمعوني عند وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) أحاج أبا بكر وأقول: يا معشر