دون خلقه فقال: ﴿ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾ (١)، فذلك أمر اختص الله به نبيه وأكرمه به، ليس لأحد سواه، وهو لمن سواه تطوع؛ فإنه يقول: ﴿ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم﴾ (2) "، فوفر ما تقربت به إلى الله وكرمه وأد فرائضه إلى الله كاملا غير مثلوب ولا منقوص، بالغا ذلك من بدنك ما بلغ.
فإذا قمت في صلاتك بالناس فلا تطولن ولا تكونن منفرا ولا مضيعا؛ فإن في الناس من به العلة وله الحاجة، وقد سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين وجهني إلى اليمن:
كيف نصلي بهم؟ فقال: صل بهم كصلاة أضعفهم وكن بالمؤمنين رحيما.
وبعد هذا فلا تطولن احتجابك عن رعيتك؛ فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالأمور، والاحتجاب يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير، ويعظم الصغير، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل، وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، وليست على القول سمات يعرف بها الصدق من الكذب، فتحصن من الإدخال في الحقوق بلين الحجاب؛ فإنما أنت أحد رجلين: إما امرء سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه، أو خلق كريم تسديه؟ وإما مبتلى بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك مالا مؤونة عليك فيه؛ من شكاية مظلمة، أو طلب إنصاف. " فانتفع بما وصفت لك، واقتصر فيه على حظك ورشدك، إن شاء الله ".
ثم إن للملوك خاصة وبطانة فيهم استئثار وتطاول، وقلة إنصاف، فاحسم