بعد بيان هذه المقدمة انعطف الإمام صوب جوهر القضية، وراح يعدد صراحة عددا من البدع التي شاعت في المجتمع الإسلامي مما ورثه من السابقين عليه، ثم أكد بألم أن ليس في وسعه أن يفعل شيئا في هذا المجال؛ لأن مواجهة هذه الانحرافات الثقافية تنتهي بتفرق الجند عنه وبقائه وحيدا، فقال (عليه السلام): " ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول (صلى الله عليه وآله) لتفرق عني جندي، حتى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي " (1).
إتمام الحجة على الخواص والعوام إن ما ذكره الإمام مجملا إلى كميل بن زياد - في الصحراء - من خطر خيانة الخواص وتبعية العوام، وما كان قد أشار إليه بهذا الشأن في مجلس خاص جمع فيه عدة من المقربين والأتباع المخلصين، عاد لاستعراضه تفصيلا أمام جمهور الناس في خطبة طويلة ألقاها في الأشهر الأخيرة من حكمه، حيث أتم بذلك الحجة على الخواص والعوام معا.
لقد استعرض الإمام في كلامه هذا - الذي حمل عنوان " الخطبة القاصعة " (2) والتي أدلى بها بعد معركة النهروان كما يتضح من متنها - نقاطا أساسية على غاية قصوى من الأهمية ترتبط بمعرفة المجتمع المعاصر له، وعلل انكسار النهضات