* أليس في انفضاض الناس عن الإمام وبقائه وحيدا ما يدل على عدم إمكانية ممارسة الحكم عمليا وفق أصول المنهج السياسي العلوي، وأنه لا مكان للمدينة العلوية الفاضلة إلا في دنيا الخيال؟
قبل أن نلجأ للإجابة على هذه الأسئلة وبيان أسباب بقاء الإمام وحيدا، من الضروري الإشارة إلى نقطتين:
أ: دور الخواص في التحولات السياسية والاجتماعية لقد كان للخواص على مر التأريخ - ولا يزال - الدور الأكبر في التحولات السياسية والاجتماعية التي يشهدها أي مجتمع (1)، فالنخب هي التي تأخذ موقع الجمهور في العادة وتقرر بدلا منه، على حين ليس للجمهور - في الأغلب - إلا اتباع تلك النخب والانقياد لها. وقد ترتب النخب المشهد - أحيانا - بصيغة بحيث تتوهم الجماهير أنها صاحبة القرار!
ففي عصر كصدر الإسلام كان لرؤساء القبائل الدور المحوري في التحولات السياسية والاجتماعية. وفي عصر آخر صار ذلك التأثير إلى النخب الفكرية وقادة الأحزاب. أما في العصر الحاضر فإن الذي يتحكم بالجمهور ويوجهه ويصوغ قراراته هم كبار المشرفين على الشبكات الخبرية، وأجهزة الاتصال المختلفة، والقنوات والنظم الإعلامية، وأصحاب الجرائد، والصحفيون.
ب: دور أهل الكوفة في حكم الإمام يحتل العراق في الجغرافية السياسية لعصر صدر الإسلام موقع الجسر الذي يربط شرق العالم الإسلامي بغربه، كما يعد مصدرا لتزويد السلطة المركزية بما