تحتاج إليه من جند وقوات عسكرية. وفي العراق تحظى الكوفة بموقع خاص، وحساسية كبرى.
لقد مصرت الكوفة عام 17 ه؛ لتكون مقرا للجند، حيث تقارن تمصير هذه المدينة مع إيجاد معسكرات كبرى للجند.
بهذا يتضح أن الكوفة هي قاعدة عسكرية، ومن ثم فإن من يسكنها لم يكن يفكر بأكثر من القتال والبعوث وفتح البلدان والحصول على الغنائم وغير ذلك مما له صلة بهذه الدائرة.
لقد كان من سكن الكوفة بعيدا عن المدينة المنورة التي تحتضن أكثرية الصحابة، كما أن تردد الصحابة على هذا المصر كان قليلا أيضا، إذ سار عمر بسياسة تقضي أن لا يتوزع الصحابة في الأمصار بل يبقون في المدينة من حوله (1). على هذا الأساس لم يحظ الكوفيون بالمعرفة الدينية اللازمة، وظل حظهم ضئيلا من تعاليم الشريعة والعلوم الدينية.
لقد تحدث عمر صراحة إلى من رغب من الصحابة قصد الكوفة، ونهاهم عن تعليم الحديث؛ لئلا يضروا أنس هؤلاء بالقرآن (2).
هذا وقد برزت في الكوفة طبقة عرفت ب " القراء "، ألفت فيما بعد البذور التأسيسية لتيار الخوارج.
ثم نقطة أساسية أخرى تتمثل بالنسيج القبائلي الموجود في الكوفة وهيمنة الطباع القبلية، وثقافة القبيلة وموازينها على مجتمع الكوفة، ففي إطار نسيج ثقافي كهذا تكون الكلمة الفصل لرئيس القبيلة، أما البقية فهم تبع له، من دون أن