تكون لهم حرية الاختيار.
بضم هاتين المقدمتين لبعضهما نخلص إلى هذه النتيجة: عندما نقول: " إن الناس انفضوا عن الإمام علي (عليه السلام) وتركوه وحيدا " فما نقصده بذلك هو تخلي الخواص والنخب ورؤساء قبائل الأمة الإسلامية عنه، بالخصوص أهل العراق، وبخاصة أهل الكوفة.
وفيما يلي نعرض دراسة أسباب هذه الظاهرة، وكيف بقي الإمام وحيدا، من خلال ما ورد على لسان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).
غربة الإمام على لسانه ذكرنا قبل ذلك أن الإمام عليا (عليه السلام) استطاع أن يعكس في أيام حكمه القصير أبهى صورة للحكم القائم على أساس القيم الإنسانية. فالنهج العلوي في الحكم لم يكن يستقطب إليه المؤمنين بالقيم الإسلامية فحسب، بل كان - ولا يزال - يجذب إلى دائرة نفوذه حتى أولئك الذين لا يدينون بهذه القيم من بني الإنسان.
لذلك كله لا يمكن أن يكون سبب انفضاض الناس عن الإمام كامنا بخطأ منهجه في الحكم، بل ثم لذلك أدلة أخرى.
لقد بين الإمام نفسه أسباب إدبار الجمهور عن حكمه بعد أن كانوا أقبلوا عليه، وكشف بالتفصيل دوافع إحجام المجتمع عن برنامجه الإصلاحي، كما وضع يده على الجذر الذي تنتهي إليه الاختلافات التي عصفت بالمجتمع، والاضطرابات التي برزت أيام حكمه.
وفيما يلي نقدم أجوبة الإمام على هذه النقاط: