قالت: إذا فبايع؛ فإن التقية حملت أصحاب الكهف على أن كانوا يلبسون الصلب، ويحضرون الأعياد مع قومهم.
وهدم بسر دورا بالمدينة، ثم مضى حتى أتى مكة، ثم مضى حتى أتى اليمن، وكان على اليمن عبيد الله بن عباس عامل علي.
وبلغ عليا الخبر، فقام خطيبا فقال: أيها الناس! إن أول نقصكم ذهاب أولي النهى والرأي منكم؛ الذين يحدثون فيصدقون، ويقولون فيفعلون، وإني قد دعوتكم عودا وبدءا، وسرا وجهرا، وليلا ونهارا؛ فما يزيدكم دعائي إلا فرارا، ما ينفعكم الموعظة ولا الدعاء إلى الهدى والحكمة.
أما والله، إني لعالم بما يصلحكم، ولكن في ذلك فسادي، امهلوني قليلا، فوالله، لقد جاءكم من يحزنكم ويعذبكم ويعذبه الله بكم.
إن من ذل الإسلام وهلاك الدين أن ابن أبي سفيان يدعو الأراذل والأشرار فيجيبون، وأدعوكم، وأنتم لا تصلحون، فتراعون، هذا بسر قد صار إلى اليمن وقبلها إلى مكة والمدينة.
فقام جارية بن قدامة السعدي فقال: يا أمير المؤمنين! لا عدمنا الله قربك، ولا أرانا فراقك، فنعم الأدب أدبك، ونعم الإمام والله أنت، أنا لهؤلاء القوم فسرحني إليهم!
قال: تجهز؛ فإنك ما علمتك رجل في الشدة والرخاء، المبارك الميمون النقيبة.
ثم قام وهب بن مسعود الخثعمي فقال: أنا أنتدب يا أمير المؤمنين.
قال: انتدب، بارك الله عليك.