أصلحكم بإفساد نفسي، ولكن أمهلوني قليلا، فكأنكم والله بامرئ قد جاءكم يحرمكم ويعذبكم فيعذبه الله كما يعذبكم.
إن من ذل المسلمين وهلاك الدين أن ابن أبي سفيان يدعو الأراذل والأشرار فيجاب، وأدعوكم وأنتم الأفضلون الأخيار فتراوغون وتدافعون، ما هذا بفعل المتقين، إن بسر بن أبي أرطاة وجه إلى الحجاز، وما بسر؟! لعنه الله، لينتدب إليه منكم عصابة حتى تردوه عن شنته، فإنما خرج في ستمائة أو يزيدون.
قال: فسكت الناس مليا لا ينطقون، فقال: ما لكم أمخرسون أنتم لا تتكلمون؟
فذكر عن الحارث بن حصيرة عن مسافر بن عفيف قال: قام أبو بردة بن عوف الأزدي فقال: إن سرت يا أمير المؤمنين سرنا معك، فقال: اللهم ما لكم؟
لأسددتم لمقال الرشد، أفي مثل هذا ينبغي لي أن أخرج؟! إنما يخرج في مثل هذا رجل ممن ترضون من فرسانكم وشجعانكم، ولا ينبغي لي أن أدع الجند والمصر، وبيت المال، وجباية الأرض، والقضاء بين المسلمين، والنظر في حقوق الناس، ثم أخرج في كتيبة أتبع أخرى في الفلوات وشعف الجبال، هذا والله الرأي السوء، والله لولا رجائي عند لقائهم، لو قد حم لي لقاؤهم، لقربت ركابي ثم لشخصت عنكم فلا أطلبكم ما اختلف جنوب وشمال، فوالله إن في فراقكم لراحة للنفس والبدن.
فقام إليه جارية بن قدامة السعدي فقال: يا أمير المؤمنين لا أعدمنا الله نفسك، ولا أرانا الله فراقك، أنا لهؤلاء القوم، فسرحني إليهم، قال: فتجهز؛ فإنك ما علمت ميمون النقيبة. وقام إليه وهب بن مسعود الخثعمي، فقال: أنا أنتدب إليهم