فساروا من الشام حتى قدموا المدينة، وعامل علي على المدينة يومئذ أبو أيوب الأنصاري، ففر منهم أبو أيوب، فأتى عليا بالكوفة.
ودخل بسر المدينة، قال: فصعد منبرها ولم يقاتله بها أحد، فنادى على المنبر: يا دينار، ويا نجار، ويا زريق، شيخي شيخي! عهدي به بالأمس، فأين هو! يعني عثمان.
ثم قال: يا أهل المدينة! والله، لولا ما عهد إلي معاوية ما تركت بها محتلما إلا قتلته، ثم بايع أهل المدينة.
وأرسل إلى بني سلمة، فقال: والله، ما لكم عندي من أمان، ولا مبايعة حتى تأتوني بجابر بن عبد الله.
فانطلق جابر إلى أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) فقال لها: ماذا ترين؟ إني قد خشيت أن أقتل، وهذه بيعة ضلالة.
قالت: أرى أن تبايع؛ فإني قد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أن يبايع، وأمرت ختني عبد الله بن زمعة - وكانت ابنتها زينب ابنة أبي سلمة عند عبد الله بن زمعة فأتاه جابر فبايعه.
وهدم بسر دورا بالمدينة، ثم مضى حتى أتى مكة، فخافه أبو موسى أن يقتله، فقال له بسر: ما كنت لأفعل بصاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك، فخلى عنه.
وكتب أبو موسى قبل ذلك إلى اليمن: إن خيلا مبعوثة من عند معاوية تقتل الناس، تقتل من أبى أن يقر بالحكومة.
ثم مضى بسر إلى اليمن، وكان عليها عبيد الله بن عباس عاملا لعلي، فلما بلغه مسيره فر إلى الكوفة حتى أتى عليا، واستخلف عبد الله بن عبد المدان الحارثي