فما كان من صاحب ذلك الصوت إلا أن عاد يطعن بهن (1).
عندها أحجم النبي عن الحاضرين، ونادى بهم: " قوموا عني "! (2) لم تكتب هذه الوصية النبوية، لكن محتواها كان واضحا لكثيرين - ولا يزال - وهم يعرفون تماما لماذا أحجم النبي عن إملائها.
لا ريب أن محتوى الوصية هو تأكيد آخر على ما تم إبلاغه في الغدير من الولاية وتحديد مستقبل الأمة ومصيرها، تشهد على ذلك النقاط التالية:
1 - إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحدث عن " التمسك " بالثقلين مرات ومرات، وعد ذلك عصمة للأمة من مهاوي الردى والضلال. وفي حديثه عن هذه الوصية صرح بالخصلة ذاتها، وهو يقول: " كتابا لن تضلوا ".
2 - ينبغي أن ندرس ونتأمل طبيعة الشيء الذي إذا كتبه الرسول يثير كل هذا الصخب والتوجس وردود الأفعال، حتى ليستمرئ بعض الحاضرين توجيه تلك المقالة المهينة إلى رسول الله، هل كان ثم شيء خليق بإثارة هذا الجو العنيف المنفعل غير قضية " القيادة "، حتى بلغ من ضوضاء القوم أن أمر النبي بإخراجهم وإبعادهم عنه، بكلمات ملؤها الألم!
3 - كان ابن عباس يتحدث عن تلك الرزية [رزية الخميس] على الدوام، ويعيد ذكراها بتوجع وألم، حتى كانت دموعه تسيل على خديه في بعض