الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي، ورفع التنافي المتوهم بينهما، نذكره مماشاة لمن يصر على كون الإرادة في الآية تشريعية.
فنقول مستمدين العون من الله تعالى:
إعلم أن الإرادة التشريعية هي عبارة عن الحكم بالشئ بأنه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل، أعني الأمر والنهي، والطلب والزجر، ليكون الامر داعيا للمأمور إلى فعل ما امر به، وزاجرا له عن فعل ما نهي عنه.
وبعبارة أخرى هي إنشاء ما يصلح لان يكون داعيا إلى فعل المأمور به، وزاجرا له عن فعل المنهى عنه، لان ينبعث نحو الفعل من ينبعث بأمره، وينتهي عن الفعل من ينتهي بنهيه، ويتم الحجة على غيره ممن يستخف بأمره ولا يعتني به.
وهذا أمر يجتمع مع الإرادة الحقيقية والجدية التي التي هي روح الحكم تارة، ويفترقها أخرى. فإذا علم المولى من حال عبده أنه ينبعث بأمره وينزجر بنهيه، وان أمره يدعوه إلى طاعته وامتثاله، يريد منه بالإرادة الجدية، والطلب الحقيقي فعل ما أمره به، وترك ما نهاه عنه.
فأمره ونهيه وبالنسبة إلى هذا العبد يكون حقيقيا جديا.
وإذا علم من حاله أنه لا يؤثر فيه أمر المولى، ولا يحركه بشئ، ولا يصير داعيا له نحو الإطاعة والامتثال، فلا يعقل أن يكون أمره أو نهيه بالنسبة إلى هذا العبد حقيقيا، ولا يقترن مثل هذا الأمر والنهي بالإرادة الجدية من الآمر والناهي.
فالامر والطلب في الصورة الأولى يكون حقيقيا مجامعا للإرادة الجدية، وفي الصورة الثانية يكون صوريا، ولاتمام الحجة وقطع العذر.
وبالجملة، فلا يعقل إرادة الانبعاث الجدية والطلب الحقيقي ممن يعلم أنه لا ينبعث بأمر المولى. فلا يعقل أن يقول: " قم "، أو