إلا إنك تعلم أن هذا مجرد الاصطلاح، ولا يحصر مفهوم الإرادة في ذلك، ولا ينفي ما هو واقع الامر، وهو أن المولى إذا علم من حال عبده أنه ينبعث بأمره ويتحرك بإرادته التشريعية، يطلب منه ما أمره به بالطلب الحقيقي، وبالإرادة الجدية، وإذا علم من حاله أنه لا ينبعث بذلك، ولا يؤثر أمره ونهيه في تحريكه أو امتناعه، لا يطلب منه ما أراده بالإرادة التشريعية حقيقة، ولا يعوه نحو فعل ما أمره به بداعي أن يفعله، بل يدعوه بداعي أن يتم عليه الحجة، وهذا ما نسميه بالامر الصوري، ومن راجع وجدانه يعرف منه ذلك.
بل يصح أن نقول ان إطلاق الإرادة على التشريعية اطلاق مجازي، بخلافه على الإرادة الجدية، فإنه إطلاق حقيقي.
وبالجملة، فهل يمكنك إنكار الإرادة الجدية بالمعنى الذي تلوناه عليك؟
وهل يمكنك أن تقول انها تتعلق بما لا تؤثر الإرادة التشريعية في الانبعاث نحوه؟
وهل يمكنك إنكارها وتعلقها حقيقة بالانبعاث، وبوقوع الفعل عن العبد إذا كان الامر والطلب والإرادة التشريعية مؤثرا في بعث العبد أو زجره؟
وهل يمكنك أن تقول بعد ذلك: ظهور الإرادة المذكورة في الآية الإرادة التشريعية، دون الإرادة الجدية، مع عدم وجود قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي، ووجود الشواهد في الكلام على أن المراد بالإرادة هي الجدية؟
وإن شئت قل: إن الإرادة على قسمين: جدية، وتشريعية.
فالتشريعية عبارة عن طلب التكاليف من جميع المكلفين على السواء بإنشاء ما يصلح أن يكون داعيا لهم والحكم بما ينبغي أو يجب أن يفعل