فلبوا دعوة المصلحين الأفذاذ، لترك العصبيات لطائفية، وفهموا أن شيعة أهل البيت - عليهم السلام - لا ذنب لها إلا ولاء أهل البيت وأخذ العلم عنهم في ظروف لم تكن موافقة لسياسة أرباب السلطة المتغلبين على المسلمين فتحكموا في رقاب محبيهم ورواة فضائلهم ومناقبهم وحملة العلم عنهم ونكلوا بهم أشد التنكيل وساموهم سوء العذاب، حتى أصبح الرجوع إلى أهل البيت - عليهم السلام - ونقل الحديث عنهم، وحتى إعانة الذرية الطاهرة النبوية، من أعظم الجرائم السياسية.
وقد بقيت شرذمة ضئيلة من أبناء هؤلاء الذين يقولون بشرعية حكومات الطواغيت الذين علوا وطغوا واستكبروا في الأرض، أمثال معاوية ويزيد والوليد وهارون والمتوكل وغيرهم، وكان استكبارهم أكثر من استكبار طواغيت الجاهلية في روم وإيران.
وهؤلاء لا يزالون يصدون المسلمين عن التجاوب والتفاهم ويلبون دعوة الاستعمار لإثارة الضغائن وانكار الحقائق، ينظرون دائما إلى الخلف، ولا ينظرون إلى الامام. لا يقبلون من التاريخ والحديث إلا ما يؤيد آرائهم، ويجرحون كأسلافهم كل من يروي ما لا يوافق أهوائهم ويطعنون في كل حديث يخالف مذهبهم وإن بلغ في صحة ما بلغ أو يؤولونه. قد أعمت العصبية أبصارهم وبصائرهم. السنة عندهم بدعة، والبدعة عندهم سنة. يقتفون آثار السفيانيين، ويدافعون عن سيرة الجبابرة، ويعملون على كتمان فضائل بطل الاسلام، ونفس الرسول وابن عمه وأخيه، وباب مدينة علمه، ومن هو منه بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده، ومن لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. ينكرون مناقبه ومناقب أهل بيته ويرمون من روى فضائله بالكذب ووضع الحديث، ويعدون ولاء أهل بيت النبي - صلى الله عليه وآله - جريمة لا تغتفر، ولكن لو