لأنه يقال: أولا لا نسلم كون المشتق حقيقة في المتلبس بالمبدء في الحال أي في حال الجري والنسبة، بل هو أعم منه ومما انقضى عنه المبدء.
ثانيا: ما هو الملاك في عدم نيل الظالم الإمامة، هو صدور الظلم عنه. فما يمنع شارب الخمر، وقاتل النفس المحترمة، والسارق، وغيرهم من الظالمين عن التشرف بمقام الإمامة، هو شرب الخمر، وقتل النفس، والسرقة، وإن صدر عنهم في الماضي وتابوا بعده. وليس المراد ان شارب الخمر أو الزاني أو عابد الأصنام في حال تلبسه بالزنا، والسارق في حال تلبسه بالسرقة، وعابد الأصنام في حال تلبسه بعبادة الأصنام وعدم توبته عن هذه الأفعال، غير صالح لهذا المقام اما بعد هذا الحال ولو ساعة ولحظة وبعد التوبة لا تقدح هذه المعاصي في صلاحيته، وهذا واضح يعرف بأدنى تأمل.
إن قلت: فما هو معنى قوله - صلى الله عليه وآله -: " الاسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها. " وقوله - صلى الله عليه وآله -:
" التائب من الذنب كمن لا ذنب له. "؟
قلت: لا ريب في ذلك، ولكن قد بينا لك أن الشرع إنما يحكم تأسيسا وهو المرجع الأول فيما لا حكم فيه للعقل. ففي دائرة الاحكام والتكاليف الشرعية، وضيعة كانت أو تكليفية، الاسلام يجب ما قبله، ويذهب بالآثار الشرعية المترتبة على الافعال التي ارتكبها الشخص قبل إسلامه، على التفصيل المذكور في الفقه، أما الآثار الوضعية الحقيقية ليست بتشريعية، ولا تنالها يد الانشاء والاعتبار، فليست قابلة للمحو بالاسلام والتوبة، فتنفر الطباع عمن ارتكب قبائح الأعمال والشرور، و عبد الأصنام قبل اسلامه وتوبته لا يزول بهما.
وكذا عدم الاعتماد على الكذابين، والخائنين، وأهل الفجور