معرفة الانسان، ومراتب كماله، وما يصل إليه في سيره إلى الله تعالى.
قال الإمام أبو عبد الله الصادق - عليه السلام -، على ما روى عنه: " الصورة الانسانية هي أكبر حجج الله على خلقه، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالمين، وهي المختصر من العلوم في اللوح المحفوظ ".
وينسب إلى أمير المؤمنين - عليه السلام -:
وأنت الكتاب المبين الذي * بأحرفه يظهر المضمر الغلو إنما يحصل برفعهم من مرتبة العبودية والمخلوقية، والفقر الذاتي إلى مرتبة المعبودية والخالقية والغنى الذاتي.
والفضائل، وكثير من الصفات، وما به يتقرب العبد إلى المولى، ويتخلق بأخلاقه، مشتركة بين الانسان والملائكة، فلم يدل دليل على امتناع اتصاف البشر بها، وإن لم تحصل إلا للأوحدي من الناس، وإثباتها لهم ليس غلوا فيهم.
وغاية ما يقال في ذلك أن هذه الصفات في الملائكة فعلية، و ليست بالاستعداد وبالقوة، والانسان لا بشرط في ذلك عن الفعلية والاستعداد، فبعض أفراد الانسان فيه هذا بالقوة وبعضهم حاصل فيه بالفعلية.
هذا مضافا إلى أن القول بأنهم ما فوق الانسان، إن أريد به رفعهم إلى مرتبة الملائكة، وإثبات هويتهم لهم، فليس هذا رفعا من مرتبتهم إن لم يكن إثباتا لقصر لهم، إذ الأنبياء والأئمة أفضل من الملائكة، لان عصمتهم عن المعاصي ليس معناها عدم تمكنهم منها، أو نفي ما كان يمكن أن يكون داعيا لهم. وكم فرق بين من لا يتحقق له الداعي إلى الاكل لعدم إمكان ذلك له - فلا يسند إليه ترك الاكل حقيقة، وإن أسند إليه فلا يكون إلا مجازا، كقول القائل: إن الحجر